نسبة الخبر إليها نحن كنا قد آلينا على أنفسنا - من أول الدراسة إلى هنا - الإشارة إلى بعض بحوثنا التأسيسية على سبيل الأجمال حين تفتقر الحاجة إليها، وذلك لاعتقادنا بافتقار هكذا دراسات لمثلها، لأن في دراسة ملابسات التشريع والمؤثرات التي أدت إلى اختلاف المسلمين العطاء الفكري الكثير، لكونه يوقفنا على العلل والأسباب ويفهمنا بواقع الاختلاف وجذوره وظروفه الحقيقية والموضوعية.
فنحن قد بينا أولا في نسبة الخبر إلى ابن عباس ظاهرة اختلاف النقل عن الصحابي الواحد، ثم أعقبناه ببيان معالم الرأي والاجتهاد في الأحكام الشرعية ودور القرشيين في هذا التحريف - في نسبة الخبر إلى علي بن أبي طالب - ثم أشرنا في نسبة الخبر إلى عبد الله بن زيد بن عاصم إلى تخالف الأنصار مع القرشيين في الفقه والخلافة، والآن مع بيان ظاهرة أخرى في هذا المضمار، هي فاشية عند أئمة الجرح، فإنهم بعد أن عدوا التشيع والنصب من الجروح، نراهم يعدلون عن هذا في أغلب الأحيان، فيأخذون جانبا ويذرون الآخر منه، فمثلا نراهم يعدلون قتلة علي وعمار و... في حين يجرحون من روى في مثالب معاوية و...!!
وهكذا الحال بالنسبة لرواة الفضائل، فهم يجرحون رواة فضائل علي (1)، ويعتبرون محبة غيره تعديلا (2).
وهذا إن دل على شئ فهو أدل على امتداد الاتجاهين في علم الرجال كذلك.
وإنك لو راجعت البخاري مثلا لرأيته قد تجنب الأخذ عن جعفر الصادق،