ابن العاص، - وأمثاله من الذين اجتهدوا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) -، وراء فكرة الوضوء الثلاثي الغسلي، لوقوفنا على إصراره لصيام الدهر، وقيام الليل وتطويله، واعتزال النساء، وختم القرآن في كل ليلة و...
فهذا الصحابي وأمثاله قد يكونوا أحبوا التقرب إلى الله فراءوا التعمق في العبادة هو الطريق الأمثل إلى هذا القرب الإلهي فغسلوا أرجلهم بدل المسح، لسماعهم قوله (صلى الله عليه وآله) (أفضل الأعمال أحمزها)!! مخالفين بذلك نص الرسول ونهيه على الرهبنة في الإسلام، وإن الإسلام هو التسليم لا الاجتهاد الحر.
وقد يكونوا اجتهدوا على أن الغسل يكفي عن المسح، لأنه الأقرب إلى النفس، متجاهلين أن الأحكام الشرعية أمور توقيفية لا يجوز فيها الزيادة والنقيصة، بل الواجب فيها التعبد بما نزل به الوحي وعمل به الرسول.
وإنا سنوضح لاحقا بأن الغسل ليس هو سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لعدم اجماع الصحابة عليه، بل إن اختلافهم في النقل عنه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وثبوت المسح عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) من صحابة كبار أمثال ابن عباس، وعلي بن أبي طالب، ورفاعة بن رافع و... لمؤشر على ذلك.
ومما يحتمل في الأمر كذلك هو تأثرهم بعمل اليهود، لما عرفنا عن وضوئهم.
وعلى ضوء ما مر نرجح كون عبد الله بن عمرو بن العاص من دعاة فكرة الوضوء الثلاثي الغسلي، للأسباب التالية.
أولا: لملائمة الغسل لنفسيته المتعمقة في الدين ثانيا: لتأثره - كبقية المتأثرين بأهل الكتاب وقصص اليهود -، فقد مر قول الذهبي: (وأمعن النظر في كتبهم، واعتنى بذلك).
ثالثا: عثوره على زاملتين من اليهود وحكايته عنها، فربما يكون الوضوء الثلاثي الغسلي قد أخذ منهم، لعمل اليهود به، فلا يستبعد أن يكون موجودا في الزاملتين كذلك.
منبهين على أن في كلام عائشة وبعض الصحابة أشد مما قلناه (1)، وسيتضح