نسبة الخبر إليه قبل تطبيق أولى مفردات (نسبة الخبر إليه) ترى لزاما علينا التفصيل في أحد أطراف المباني المفروض طرحها في مثل هذه الدراسات العلمية، وهو ما أكدناه أكثر من مرة للباحثين من أن نهج الاجتهاد والرأي وأنصاره، وتصحيحا لقول الخليفة وفعله، كانوا ينسبون ما يريدونه إلى أعيان الصحابة من خلال القول بأن علي بن أبي طالب وابن مسعود وابن عباس وجابر بن عبد الله وغيرهم قد ذهبوا إلى ما ذهب إليه الخليفة من رأي.
وهذه الرؤية توضح ظاهرة من ظواهر اختلاف النقل عن الصحابي الواحد، خاصة إن كان من الجناح المقابل لفقه الشيخين، بل الأحرى المقابل لفقه الاجتهاد والرأي، وذلك لكي يختلط الحابل بالنابل والصحيح بالسقيم، ولكي يضيع موقف هؤلاء الصحابة من الحكم الشرعي ثم يتسنى في آخر الأمر تحكيم رأي الخليفة وأتباع الرأي فيه.
إ ' ن اختلاف النقل عن الصحابي الواحد ينم - مضافا إلى ما قيل من وجوه في سبب الاختلاف - عن وجود نهج آخر في الشريعة يتعبد بالنصوص الصادرة عن الله ورسوله ولا يرتضي ما ذهب إليه الخليفة من رأي، وهذا لا يعني أن جميع آراء الخليفة بعيدة عن التشريع والواقع، بل في كلامه ما يوافقه وفيه ما يخالفه، فإن كان اجتهاده وفق القرآن أخذ به، وإلا فيضرب به عرض الحائط، لأنه لا قرآن ولا سنة.
وهذه الظاهرة هي التي دعتنا للتأكيد أكثر من مرة على لزوم دراسة ملابسات الأخبار عند المسلمين كي نعرف من هم وراء هكذا أحكام متعارضة، ومن هو المستفيد منها، ونحن لا نحدد ذلك بالخلفاء فقط، بل يمكن أن يكون الأمر راجعا إلى من أعطي دوارا في التشريع كعائشة أم المؤمنين وأبي هريرة كذلك.
فنحن لو وقفنا على خلفيات هذه المسائل وعرفنا المفتي بها أو الناقل للحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله أولا: لأمكننا الوقوف على الخيوط الخفية في تعدد الأحكام