العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي قد جعلها ربي حقا) (١) فلا ينافي أيضا ما تقرر في محله من حرمة السجود لغير الله عز وجل، لأنه في الواقع كان إعظاما وشكرا لله عز وجل على ما أنعم عليهم من نعمة السلامة واجتماع الشمل، ولم يكن سجود عبادة ليوسف عليه السلام، فهذا ما يأباه كل من عرف مقام الأنبياء ومنزلتهم ودعوتهم الناس إلى نبذ الشرك والاعتقاد بالتوحيد الخالص.
نعم، فقد كان من بين أولئك الساجدين نبي الله يعقوب عليه السلام، وهو ممن أخلص لله في كل شئ ولم يبث شكواه إلا لله قال تعالى: ﴿وإنه لذو علم لما علمناه ولكن أكثر الناس لا يعلمون﴾ (2).
وتفسير السجود بهذا المعنى الذي ينسجم مع أصول العقيدة الاسلامية من حرمة السجود لغير الله، هو ما أثبتته مدرسة أهل البيت عليهم السلام كما يدل عليه جملة من الروايات، نكتفي بالإشارة إلى بعضها:
عن أبي بصير، عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال:... فلما دخلوا على يوسف في دار الملك اعتنق أباه فقبله وبكى... ثم دخل منزله فادهن واكتحل ولبس ثياب العزة والملك ثم رجع إليهم - أو خرج إليهم - فلما رأوه سجدوا له جميعا اعظاما وشكرا لله، فعند ذلك قال: (يا أبت هذا تأويل رؤياي قد جعلها ربي حقا) إلى أن قال: (بيني وبين اخوتي) قال: ولم يكن يوسف في تلك العشرين سنة يدهن ولا يكتحل ولا يتطيب ولا