والمراد في هذه الصورة المتحركة التي يرسمها هذا الحديث الشريف هو ضرورة حضور القلب في جميع أحوال الصلاة من أفعالها وأقوالها، وجدير بالتأمل أن ذلك يقتضي أن يكون الحضور حال السجود آكد، لان حضور القلب في القيام - مثلا - يقتضي الالتفات إلى مقام العبودية والربوبية، وفي الركوع يقتضي الالتفات إلى عظمة الرب وذلة العبد، وإلى أن الحول والقوة منفية عنه.
والحضور المناسب للسجود هو بالفناء عن الكل والحضور عند الرب تعالى (١).
ولأهمية السجود جعله الله تعالى واحدا من العلامات التي تميز عباده المخلصين، قال تعالى: ﴿سيماهم في وجوههم من أثر السجود﴾ (٢).
تسمية المصلى مسجدا:
ومما يؤكد اهتمام الاسلام المتزايد بالسجود هو تسمية المصلى - وهو موضع إقامة الصلاة - مسجدا، إذ أصبح له عنوانا خاصا متميزا، عناية بأهم أجزاء الصلاة، باعتبار أن السجود هو موضع القرب كما تبين وبه يتجلى التواضع والخضوع والتذلل لله جل وعلا، لذا فقد أولى الباري تعالى عناية خاصة بالمساجد فنسبها له سبحانه وحده كما قال: ﴿إن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا﴾ (3).