هددوا سلطان ابنه يزيد. وعلى هذه الوصية سار يزيد. يقول المسعودي: كان يزيد صاحب طرب، وجوارح، وكلاب، وقرود، وفهود، ومنادمة على الشراب، وجلس ذات يوم على شرابه، وعن يمينه ابن زياد، وذلك بعد مقتل الحسين فأقبل على ساقيه فقال:
اسقني شربة تروي مشاشي * ثم مل فاسق مثلها ابن زياد صاحب السر والأمانة عندي * ولتسديد مغنمي وجهادي ثم أمر المغنيين فغنوا، وغلب على أصحاب يزيد وعماله، ما كان يفعله من الفسوق، وفي أيامه ظهر الغناء بمكة والمدينة، واستعملت الملاهي، وأظهر الناس شرب الشراب، وكان له قرد يكنى، بأبي قيس يحضره مجلس منادمته، ويطرح له متكئا (1). وقال المسعودي: ولما شمل الناس جور يزيد وعماله، وعمهم ظلمه، وما ظهر من فسقه، ومن قتله ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنصاره، وما أظهر من شرب الخمر، سيره سيرة فرعون، بل كان فرعون أعدل منه في رعيته، وأنصف منه لخاصته وعامته، أخرج أهل المدينة عامله عليهم، وهو: عثمان بن محمد بن أبي سفيان (2).
وروي أن عبد الله بن حنظلة الغسيل قال: والله ما خرجنا على يزيد، حتى خفنا. أن نرمى بالحجارة من السماء، إنه رجل ينكح أمهات الأولاد، والبنات، والأخوات، ويشرب الخمر، ويدع الصلاة (3).
وبدأ يزيد في تنفيذ وصية والده معاوية، وأرسل إلى مسلم بن عقبة، ووضعه على رأس الجيش وقال له: إذا قدمت إلى المدينة، فمن عاقك عن دخولها أو نصب لك حربا، فالسيف السيف، ولا تبقي عليهم، وانتهبها عليهم ثلاثا، واجهز على جريحهم، واقتل مدبرهم. وإن لم يعرضوا لك، فامض إلى مكة، فقاتل ابن الزبير، فأرجو أن يظفرك الله