اقتحمه، أو كاد له، أو رماه، في دائرة الذين يؤذون الله. قال تعالى: " إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا " (1). فيزيد سير الجيوش نحو مكة، ورمى جنوده بيت الله بالحجارة. وقبل ذلك، كانوا قد أخافوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحرة. وقبل ذلك آذوه في قتل الحسين، وهو من عترة رسول الله، من أصحاب الكساء والمباهلة، وابن فاطمة ريحانة رسول الله، التي يقول فيها النبي صلى الله عليه وسلم: " إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني من آذاها " (2).
إن يزيد دخل إلى جميع الدوائر بعد قتله للحسين، فآذى الخط الذي يسوق الناس إلى الله، ووجه ضربات إلى الثقل، الذي لا ينفصل عن القرآن حتى يردا الحوض، ومن البديهي أن أحدا لن يستطيع أن يؤذي الله سبحانه ولكن صورة الأذى هنا، هي عرقلة الطريق، وعدم احترام المقدسات التي فيها نصوص من الله ورسوله. فأي أذى يصيب الخط الرسالي، المادي أو المعنوي، هو في الحقيقة، موجه إلى المشرع.
ويزيد أعلن، يوم أن نصبه والده، وليا للعهد. بأنه سيسير في الناس بسيرة عمر بن الخطاب، وعمر رضي الله عنه كان له مفهومه الخاص، في الكعبة والحجر، ولكنه كان يعظم أمرهما. فعن الحسن قال: ذكر عمر بن الخطاب الكعبة فقال: والله ما هي إلا حجارة نصبها الله قبلة لأحيائنا، وتوجه إليها موتانا (3). ولكي لا يفتتن الناس بالكعبة، وفي نفس الوقت لكي يحافظ عليها عمر. روى البخاري: " لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم حول البيت حائط، فكانوا يصلون حول البيت، حتى كان عمر، فبنى حوله حائطا جدره قصير، فبناه ابن الزبير " (4). وروى البخاري أن عمر بن الخطاب قال