بل إن يزيد كشف عن أعماقه، عندما دخل رجل من أهل الشام، ونظر إلى فاطمة بنت علي، فقال ليزيد، يا أمير المؤمنين هب لي هذه. وعندما قال الرجل ذلك، خافت فاطمة وأخذت بثياب أختها زينب. فقالت زينب للرجل: كذبت، والله ولؤمت، ما ذلك لك وله. فعندئذ، غضب يزيد بن معاوية وقال لها: كذبت والله إن ذلك لي، وإن شئت أفعله، لفعلت. قالت: كلا والله، ما جعل الله ذلك لك، إلا أن تخرج من ملتنا وتدين بغير ديننا. فقال يزيد، إياي تستقبلين بهذا، إنما خرج من الدين أبوك وأخوك. فقالت: بدين الله، ودين أبي، ودين أخي، وجدي، اهتديت أنت وأبوك وجدك. فقال يزيد، كذبت يا عدوة الله. قالت:
أنت أمير مسلط، تشتم ظالما، وتقهر بسلطانك (1).
إنها خبايا تعرف في لحن القول. وروي عن مجاهد قال: لما جئ برأس الحسين فوضع بين يدي يزيد، تمثل بهذه الأبيات:
ليت أشياخي ببدر شهدوا * جزع الخزرج في وقع الأسل فأهلوا واستهلوا فرحا * ثم قالوا لي هنيا لا تسل حين حكت بفناء بركها * واستحر القتل في عبد الأسل قد قتلنا الضعف من أشرافكم * وعد لنا ميل بدر فاعتدل قال مجاهد: نافق فيها. والله ثم والله ما بقي في جيشة، أحد إلا ذمه وعابه (2)، على هذا الشعر، وروي أن يزيد قال أيضا ورأس الحسين بين يديه، ينكتها بقضيب كان في يده: إن هذا وإيانا كما قال الحصين بن الحمام:
يغلقن هاما من رجال أعزة * علينا وهم كانوا أعق وأظلما فقال له أبو برزة الأسلمي: ارفع قضيبك، فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلثمه (3). وروى الطبري أن يزيد، كان مسرورا بقتل