بالذل (1).
وروي أنه لما دخل، برأس الحسين، وصبيانه، وأخوته، ونسائه، على عبيد الله بن زياد، لبست زينب بنت فاطمة أرذل ثيابها، فلما دخلت جلست، فقال ابن زياد: من هذه؟ فلم تكلمه. فقال ذلك ثلاث، كل ذلك لا تكلمه فقال بعض إمائها هذه زينب ابنة فاطمة. فقال لها ابن زياد: الحمد الله الذي فضحكم وقتلكم، وأكذب أحدوثتكم. فقالت: الحمد لله، الذي أكرمنا بمحمد صلى الله عليه وسلم، وطهرنا تطهيرا، لا كما تقول أنت، إنما يفتضح الفاسق، ويكذب الفاجر. فقال: فكيف رأيت صنع الله بأهل بيتك؟ قالت: كتب عليهم القتل، فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاجون إليه، وتخاصمون عنده. فغضب ابن زياد. فقال له عمرو بن حريث: أصلح الله الأمير، إنما هي امرأة، وهل تؤاخذ المرأة بشئ من منطقها... فقال لها ابن زياد: قد أشفى الله نفسي من طاغيتك، والعصاة المردة من أهل بيتك. فبكت، ثم قالت: لعمري: لقد قتلت كهلي، وأبرت أهلي، وقطعت فرعي، واجتثثت أصلي، فإن يشفك هذا، فقد اشتفيت. فقال لها: هذه شجاعة قد لعمري كان أبوك شاعرا شجاعا. قالت: ما للمرأة والشجاعة إن لي عن الشجاعة لشغلا، ولكني نفثي ما أقول.
ونظر ابن زياد إلى علي بن الحسين، فقال له: ماسمك؟ قال: أنا علي بن الحسين. فقال: أولم يقتل الله علي بن الحسين؟ فسكت. فقال له: ما لك لا تتكلم؟ قال: قد كان لي أخ، يقال له أيضا علي فقتله الناس. فقال ابن زياد:
إن الله قد قتله. قال: الله يتوفى الأنفس حين موتها، وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله. فقال: أنت والله منهم، انظروا هل أدرك، والله إني لأحسبه رجلا.
فقال مري بن معاذ: نعم قد أدرك. قال: اقتله. فتعلقت به زينب عمته، وقالت:
حسبك منا أما رويت من دمائنا، وهل أبقيت منا أحدا، إن قتلته