قتلوك عطشانا ولم يتدبروا * في قتلك القرآن والتنزيلا ويكبرون بأن قتلت وإنما * قتلوا بك التكبير والتهليلا (1) وفي دور أهل الإيمان بدأت أحاديث الحوض، تطفوا على الساحة، بجانب الشعر، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " إني تارك فيكم ثقلين، أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء والأرض وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " (2). وقوله صلى الله عليه وسلم:
" أنا فرطكم على الحوض من ورد شرب ومن شرب لم يظمأ. وليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفونني ثم يحال بيني وبينهم " (3) وهذه الأحاديث، كانت تمثل صفعة قوية للتيار الأموي، الذين قتلوا أهل البيت فإذا كانت مهمتهم سهلة في مواجهة الشعر، فإنها لم تكن كذلك مع أحاديث الحوض، التي أصبحت، كمنشور سري يقره صحابة النبي صلى الله عليه وسلم الأوفياء. ويشق طريقه في الساحة التي بدأت تشعر بالندم بعد قتل الحسين، وتبحث عن مدخلا تقدم توبتها منه، إلى الله جل وعلا. ولم يجد التيار الأموي، غير عبيد الله بن زياد ليتصدى، لما استجد في الساحة بعد قتل الحسين. فبدأ ابن زياد صده بإنكار هذه الأحاديث، ثم مواجهة الذين يروونها بكل قسوة وكل عنف.
روي أنه ذكر الحوض عند ابن زياد، فأنكر ذلك. فبلغ ذلك أنسا فقال: ما أنكرتم من الحوض؟ قالوا: سمعت النبي يذكره؟ قال: نعم. ولقد أدركت عجائز بالمدينة، لا يصلين صلاة، إلا سألن الله تعالى أن يوردهن حوض محمد صلى الله عليه