فلقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " جاءني جبريل أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة " (1).
فهذه المناقب لم توضع إلا لحكمة ومن وراء هذه الحكمة هدف. والحسن خاض المعارك مع والده، وكان يعلم جيدا ما الذي عليه أهل الشام، وكان يعلم أن معاوية سيملك ما تحت قدمه. هكذا سمع من النبي صلى الله عليه وسلم ومن علي بن أبي طالب عليه السلام. وعلى الرغم من أنه كان يعلم أن نهايته في مربع الشهادة، وأنه سيقتل ويكون سيدا في الجنة بهذه الشهادة. إلا أنه أخذ بالأسباب لإقامة الحجة حتى لا يكون للناس على الله حجة.
والبداية كانت بعد وفاة أمير المؤمنين. روى الطبراني أن الحسن بن علي خطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه، وذكر أمير المؤمنين عليا خاتم الأوصياء، ووصى النبي وأمين الصديقين والشهداء... ثم قال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني، فأنا الحسن بن محمد صلى الله عليه وسلم. أنا ابن البشير، أنا ابن النذير، أنا ابن الداعي إلى الله عز وجل بإذنه، وأنا ابن السراج المنير، وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
والذين افترض الله مودتهم في كتابه إذ يقول: " ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا " (2)، فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت " (3).
فلما انتهى إلى هذا الموضع من الخطة، قام عبد الله بن عباس بين يديه، فدعا الناس إلى بيعته (4)، وقام رجل فقال: أشهد لقد رأيت رسول الله صلى الله