وكان يقول هذا كلما رآه، وروي أنه لما دخل شهر رمضان، كان يفطر عند الحسن ليلة وعند الحسين ليلة، وليلة عند عبد الله بن جعفر، ولا يزيد على اللقمتين أو ثلاث. فقيل له في ذلك فقال: إنما هي ليال قلائل، يأتي أمر الله وأنا خميص (1). وفي اليوم الذي قتل فيه جاءه ابن النباح حين طلع الفجر يؤذنه بالصلاة، فقام يمشي وهو يقول:
أشدد حيازيمك للموت * فإن الموت لاقيكا ولا تجزع من الموت * إذا حل بواديكا (2) وقال: والله ما كذبت وكذبت، وإنها الليلة التي وعدت فيها (3). وعندما خرج، أقبل الوز والبط يصحن في وجهه، فطردوهن عنه فقال: ذروهن فإنهن نوائح (4)، وكان ابن ملجم قد أتى الأشعث بن قيس في هذه الليلة، فخلا به في بعض نواحي المسجد، ومر بهما حجر بن عدي، فسمع الأشعث يقول لابن ملجم: النجاء النجاء بحاجتك فقد فضحك الصبح. فقال حجر: قتلته يا أعور، وخرج مبادرا إلى علي ليخبره (5)، وقال أبو الفرج: وللأشعث بن قيس في انحرافه عن أمير المؤمنين أخبار يطول شرحها (6). ولم يلتق حجر بن عدي بعلي، وسبقه ابن ملجم فضربه، فأقبل حجر والناس يقولون: قتل أمير المؤمنين (7). وعن أبي عبد الله بن محمد الأزدي قال: إني لأصلي تلك الليلة في المسجد الأعظم مع رجال من أهل المصر، كانوا يصلون في ذلك الشهر من أول الليل إلى آخره. إذ نظرت إلى رجال يصلون قريبا من السدة. قياما وقعودا وركوعا وسجودا ما يسأمون إذ يخرج عليهم علي بن أبي طالب الفجر. فأقبل