البادية. فلما أراد قتلهما قال الكناني: على ما تقتل هذين ولا ذنب لهما، فإن كنت قاتلهما فاقتلني. قال بسر افعل. فبدأ بالكناني فقتله ثم قتلهما، وقتل بسر في مسيره هذا جماعة كثيرة من شيعة علي باليمن، وبلغ عليا خبر بسر فوجه جارية بن قدامة في ألفين ووهب بن مسعود في ألفين، وهرب بسر وأصحابه (1).
كان هذا هو منهج معاوية في القتال. تجنب ملاقاة على في الميدان، والإغارة وسلب ما يمكن سلبه ثم الارتداد للخلف نحو الشام، وقتل كل من في الطريق، طفلا أو شيخا، وعرض النساء المسلمات في الأسواق، ومن قبل وضع من فيه شئ من حياة في جلد حمار، ثم إشعال النار فيه. كانت هذه سيرته في بداية الطريق، وسنرى فيما بعد كيف كانت سيرته على امتداد الطريق.
وينبغي في هذا المقام أن نذكر تقديم ابن كثير لغارات معاوية، وهو تقديم يجعل الباحث في حيرة. فهو عندما تحدث عن التحكيم قدم الروايات التي أجمعت عليها الأمة وتفيد بأن أبي موسى وعمرو اتفقا على خلع علي ومعاوية.
وعندما خلع أبو موسى صاحبه، وجاء الدور على ابن العاص فعل ما فعل، وبرر ابن كثير ما فعله عمرو بأنه رأى أن ترك الناس بلا إمام يؤدي إلى مفسدة طويلة!! (2)، هذا ما قاله هناك، ثم نراه يقول هنا، وهو يتحدث عن غارات معاوية، إن أبا موسى وعمرا كانا قد اتفقا على خلع علي - ولم يشر إلى معاوية - وأن معاوية تحرك على هذه الخلفية حيث إنه كان يعتقد أنه الإمام الذي يجب طاعته. وإليك ما قاله ابن كثير بنصه: جهز معاوية جيوشا كثيرة فرقها في أطراف معاملات علي. وذلك أن معاوية رأى بعد أن ولاه عمرو بن العاص بعد اتفاقه مع أبي موسى على عزل علي. إن ولايته وقعت الموقع فهو الذي يجب طاعته فيما يعتقد. ولأن جيوش علي من أهل العراق لا تطيعه في كثير من الأمر ولا يأتمرون بأمره، فلا يحصل بمباشرته المقصود من الإمارة والحالة هذه، فهو