ومرة أخرى كتب أبو بكر لصحابيين قطعة من الأرض وأرسلها لعمر ليمضي فيه فتفل فيه عمر ومحاه فشتماه ورجعا لأبي بكر يتذمران فقالا: ما ندري أأنت الخليفة أم عمر؟! فقال: بل هو، وجاء عمر مغضبا إلى أبي بكر وقال له: ليس من حقك إعطاء الأرض إلى هذين. فقال أبو بكر: لقد قلت لك بأنك أقوى مني على هذا الأمر ولكنك غلبتني (1).
ومن هنا يتبين لنا سر المكانة التي حظي بها عمر بن الخطاب لدى قريش عامة ولدى بني أمية خاصة حتى سموه بالعبقري وبالملهم وبالفاروق وبالعدل المطلق إلى أن فضلوه على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد رأينا عقيدة عمر في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من يوم صلح الحديبية إلى يوم الرزية أضف إلى ذلك أنه منع الصحابة من التبرك بآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم فقطع شجرة بيعة الرضوان، كما توسل بالعباس عم النبي ليشعر الناس بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مات وانتهى أمره فلا فائدة حتى في ذكراه، فلا لوم على الوهابية الذين يقولون بهذه المقالات فهي ليست جديدة كما يتوهم البعض.
ومن هنا فتح الباب إلى أعداء الإسلام والمستشرقين ليستخلصوا بأن محمدا رجل عبقري عرف أن قومه وثنيين تربوا على عبادة الأصنام فأزال الأصنام ولكنه أبدلهم بذلك حجرا أسودا.
ونرى بعد كل هذا عم هو بطل المعارضة لكتابة الأحاديث النبوية حتى يحبس الصحابة في المدينة ويمنع آخرين من الحديث ويحرق كتب الحديث حرصا منه بأن لا تتفشى السنة النبوية بين الناس.
ونفهم أيضا من خلال ذلك لماذا بقي علي حبيس الدار لا يخرج إلا عندما يدعى لحل معضلة عجز عنها الصحابة ولم يشركه عمر في منصب ولا