ولسنا هنا بصدد البحث عن شخصية عمر بن الخطاب فسوف نفرد له بابا خاصا به، ولكن حديث البخاري مثير لم يترك لنا مندوحة من هذه الملاحظة السريعة، والذي يهمنا الآن هو شهادة البخاري بأن الصحابة على كثرة عددهم ولوا مدبرين يوم حنين، والذي يقرأ كتب التاريخ في تلك الحروب والغزوات يظهر له العجب العجاب.
وإذا كان أمر الله لا يطاع من أكثر الصحابة كما عرفنا من خلال الأبحاث السابقة، فلا يستغرب منهم الإعراض عن أوامر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهو حي معهم - أما أوامره بعد وفاته بأبي هو وأمي وما لقيت منهم من إهمال وتبديل فحدث ولا حرج.
الصحابة تجاه أوامر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في حياته ولنبدأ بالأوامر التي أمر بها صلى الله عليه وآله وسلم في حياته والتي قوبلت بالتمرد والعصيان من قبل هؤلاء الصحابة.
وسوف لن نتحدث إلا بما أخرجه البخاري في صحيحه روما للاختصار وضاربا على بقية صحاح أهل السنة صفحا وإلا فإن فيهم أضعاف الأضعاف وبعبارات أكثر وضوحا، وأكثر تحديا.
أخرج البخاري في صحيحه من جزئه الثالث في باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحروب من كتاب الشروط.
وبعد ما أورد البخاري قصة صلح الحديبية ومعارضة عمر بن الخطاب لما وافق عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وشكه فيه حتى قال له صراحة: ألست نبي الله حقا؟ إلى آخر القضية. قال البخاري: فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه قوموا فانحروا ثم أحلقوا. قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات فلم يقم منهم أحد فدخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس.