فتيمموا صعيدا طيبا فقال عبد الله: لو رخص لهم في هذه الآية لأوشك إذا برد عليهم الماء أن يتيمموا بالصعيد.
فقال أبو موسى لعبد الله: ألم تسمع قول عمار: بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله ولم في حاجة فأجنبت فلم أجد الماء فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكرت ذلك له فقال: إنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه.
فقال عبد الله: أو لم تر عمر لم يقنع بقول عمار (1). ونحن إذا تأملنا في هذه الرواية التي أثبتها البخاري ومسلم وغيرهم من الصحاح نفهم من خلالها مدى تأثير مذهب عمر بن الخطاب على الكثير من كبار الصحابة ومن هذا نفهم أيضا مدى تناقض الأحكام، وتهافت الروايات وتضاربها، ولعل ذلك هو الذي يفسر استخفاف الحكام الأمويين والعباسيين بالأحكام الإسلامية ولا يقيمون لها وزنا، ويسمحون بتعدد المذاهب المتعارضة في الحكم الواحد ولسان حالهم يقول لأبي حنيفة ومالك وأحمد والشافعي: قولوا ما شئتم بآرائكم فإذا كان سيدكم وإمامكم عمر يقول برأيه ما شاء (2) مقابل القرآن والسنة فلا لوم عليكم فما أنتم إلا تابعون وأتباع التابعين ولستم مبتدعين.
والأعجب من كل ذلك قول عبد الله بن مسعود لأبي موسى: لا يتيمم وإن لم يجد الماء شهرا. وعبد الله بن مسعود من أكابر الصحابة يرى أن المجنب إذا لم يجد الماء يترك الصلاة شهرا كاملا ولا يتيمم ويبدو أن أبا موسى حاول إقناعه بالآية الكريمة النازلة بخصوص هذا الموضوع في سورة