وما دمنا في هذا الموضوع بالذات فلا بد لنا من إيراد بعض النصوص التي خالف فيها عمر صريح النص، وذلك إما جهلا منه بالنصوص، وهذا أمر عجيب لأن الجاهل ليس له أن يحكم فيحلل ويحرم من عند نفسه، قال تعالى: ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب، هذا حلال وهذا حرام، لتفتروا على الله الكذب، إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون [النحل: 116].
وليس للجاهل أن يتقلد منصب الخلافة لقيادة أمة بأكملها قال تعالى: أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى ما لكم كيف تحكمون [يونس:
35].
وإما أنه لا يجهل النصوص ويعرفها ولكنه يتعمد الاجتهاد لمصلحة اقتضاها الحال حسب رأيه الشخصي. لا يعد أهل السنة هذا كفرا ومروقا، كما لا بد أن يكون جاهلا بوجود من يعرف الأحكام الصحيحة من معاصريه. وهذا باطل لمعرفته بإلمام علي عليه السلام بالكتاب والسنة إلماما تاما وإلا لما استفتاه في كثير من المعضلات حتى قال فيه: لولا علي لهلك عمر، فلماذا يا ترى لم يستفته في المسائل التي اجتهد فيها برأيه الذي يعرف قصوره؟
وأعتقد بأن المسلمين الأحرار يوافقون على هذا لأن هذا النوع من الاجتهاد هو الذي أفسد العقيدة وأفسد الأحكام وعطلها وتسبب في اختلاف علماء الأمة وتفريقها إلى الفرق والمذاهب المتعددة ومن ثم النزاع والخصام، فالفشل وذهاب الريح والتخلف المادي والروحي.
ولنا أن نتصور حتى بوجود أبي بكر وعمر على منصة الخلافة وإزاحة صاحبها الشرعي، نتصور لو أن أبا بكر وعمر جمعا السنن النبوية وحفظاها في كتاب خاص بها لوفرا على أنفسهما وعلى الأمة الخير العميم ولما دخلت في السنة النبوية ما ليس منها ولكان الإسلام بكتابه وسنته واحدا،