ولما عرفت أنني مقهور مع هؤلاء لأنهم تعلموا من أستاذهم كل الأفكار الوهابية، كما عرفت أنهم غير قابلين للاستماع إلى الأحاديث الصحيحة وهم يتشبثون ببعض الأحاديث التي يحفظونها وأغلبها من الموضوعات، عند ذلك استسلمت لمبدأ الشورى وقلت لهم ولأستاذهم.
هل لكم أن تقنعوا حكومة جلالة الملك عندكم بمبدأ الشورى حتى يتنازل عن عرشه ويقتدي بسلفكم الصالح ويترك للمسلمين في الجزيرة العربية حرية اختيار رئيسا لهم وما أظنه يفعل ذلك فآباؤه وأجداده لم يملكوا الخلافة فحسب بل والجزيرة العربية أيضا أصبحت من ممتلكاتهم حتى أطلقوا على أرض الحجاز كلها أسم المملكة السعودية.
وعندئذ تكلم سيدهم العالم ليقول: نحن لا شغل لنا في السياسة، ونحن في بيت الله الذي أمر أن يذكر فيه أسمه وأن تقام فيه الصلوات.
قلت: وكذلك لطلب العلم، قال: نعم وهو كذلك نحن نعلم الشباب هنا - قلت: كنا في بحث علمي! قال: لقد أفسدته بالسياسة.
خرجت مع مرافقي وأنا أتحسر على شباب المسلمين الذين استولت الوهابية على أفكارهم بكل الطرق فأصبحوا حربا على آبائهم، وكلهم من معتنقي المذهب الشافعي وهو أقرب المذاهب إلى أهل البيت على ما أعتقد. وكان للشيوخ احترام ووقار لدى المثقفين وغير المثقفين باعتبار أن أغلبهم من السادة المنحدرين من السلالة الطاهرة، فجاء الوهابيون للشباب واستغلوا فقرهم فأغروهم بالأموال والإمكانيات المادية، وقلبوا نظرتهم بأن ما يفعلونه من احترام للسادة هو شرك بالله لأنه تقديس للبشر، فأصبح الأبناء نقمة على الآباء. وهذا ما يحدث في كثير من البلدان الإسلامية في أفريقيا.
للأسف.
ونعود لوفاء أبي بكر لنجد أنه وقبل موته ندم على ما اقترفت يداه، فقد نقل ابن قتيبة في تاريخ الخلفاء قوله: أجل والله ما آسى إلا على ثلاث