طلحة فقال له: ما أنت قائل لربك وقد وليت علنيا فظا غليظا تفرق منه النفوس وتنفض عنه القلوب فالنتيجة واحدة وهي أن الصحابة لم يكن أمرهم شورى ولم يكونوا راضين عن استخلاف عمر وقد فرضه عليهم أبو بكر فرضا بدون استشارتهم والنتيجة هي التي تنبأ بها الإمام علي عندما شدد عليه عمر بن الخطاب ليبايع أبا بكر فقال له:
أحلب حلبا لك شطره واشدد له اليوم أمره يردده عليك غدا.
وهذا بالضبط ما قاله أحد الصحابة لعمر بن الخطاب عندما خرج بالكتاب الذي فيه عهد الخلافة: فقال له ما في الكتاب يا أبا حفص؟ قال: لا أدري، ولكني أول من سمع وأطاع. فقال الرجل: لكني والله أدري ما فيه، أمرته عام أول، وأمرك العام (1).
وبهذا يتبين لنا بوضوح لا شك فيه بأن مبدأ الشورى الذي يطبل له أهل السنة لا أساس له عند أبي بكر وعمر أو بتعبير آخر أن أبا بكر هو أول من هدم هذا المبدأ وألغاه وفتح الباب أمام الحكام من بني أمية أن يعيدوها ملكية قيصرية يتوارثها الأبناء عن الآباء، وكذلك فعل بنو العباس من بعدهم وبقيت نظرية الشورى حلما يراود أهل السنة والجماعة لم ولن يتحقق.
وهذا يذكرني بمحاورة دارت بيني وبين عالم من علماء الوهابية السعوديين في مسجد نيروبي بكينيا، على مشكلة الخلافة وكنت من أنصار النص على الخليفة وأن الأمر كله لله يجعله حيث يشاء ولا دخل لاختيار الناس في ذلك.
وكان هو من أنصار الشورى ويدافع عنها دفاعا مستميتا وكان حوله مجموعة من الطلبة الذين يأخذون العلم عنه وهم يؤيدونه في كل ما يقول بدعوى أن حجته من القرآن الكريم إذ يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم: وشاورهم في الأمر ويقول: وأمرهم شورى بينهم.