البيعة، أمرا هينا عليهما فليس قتال مانعي الزكاة إلا أمرا ميسورا، وما قيمة هؤلاء الأعراب الأباعد مقابل العترة الطاهرة والصحابة الأبرار؟ أضف إلى ذلك أن هؤلاء المتخلفين عن البيعة يرون أن الخلافة هي حق لهم بنص لرسول صلى الله عليه وآله وسلم وحتى على فرض عدم وجود النص عليهم فمن حقهم الاعتراض والنقد والإدلاء بآرائهم إن كان هناك شورى كما يزعمون، ومع ذلك فإن تهديدهم بالحرق أمر ثابت بالتواتر ولولا استسلام علي وأمره للصحابة بالخروج للبيعة حفاظا على حقن دماء المسلمين ووحدة الإسلام لما تأخر القائمون بالأمر، عن إحراقهم.
أما وقد استتب الأمر لهم وقويت شوكتهم ولم يعد هناك معارضة تذكرة بعد موت الزهراء ومصالحة علي لهم. فكيف يسكتون عن بعض القبائل التي امتنعت عن دفع الزكاة لهم بحجة التريث حتى يتبينوا أمر الخلافة وما وقع فيها بعد نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم تلك الخلافة التي اعترف عمر نفسه بأنها فلتة (1).
إذن ليس بالغريب أن يقوم أبو بكر وحكومته بقتل المسلمين الأبرياء وانتهاك حرماتهم وسبي نسائهم وذريتهم وقد ذكر المؤرخون بأن أبا بكر بعث بخالد بن الوليد فأحرق قبيلة بني سليم (2) وبعثه إلى اليمامة، وغلى بني تميم وقتلهم غدرا بعد ما كتفهم وضرب أعناقهم صبرا وقتل مالك بن نويرة الصحابي الجليل الذي ولاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على صدقات قومه ثقة به، ودخل بزوجته في ليلة قتل زوجها. فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وما ذنب مالك وقومه إلا أنهم لما سمعوا بما حدث من أحداث بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وما وقع من إبعاد علي وظلم الزهراء