حتى ماتت غاضبة عليهم وكذلك مخالفة سيد الأنصار سعد بن عبادة وخروجه عن بيعتهم وما تناقله العرب من أخبار تشكك في صحة البيعة لأبي بكر. لكل ذلك تريث مالك وقومه لإعطاء الزكاة، فكان الحكم الصادر من الخليفة وأنصاره بقتلهم وسبي نسائهم وذريتهم وانتهاك حرماتهم وإخماد أنفاسهم حتى لا يتفشى في العرب رأي للمعارضة أو المناقشة في أمر الخلافة.
والمؤسف حقا أنك تجد من يدافع عن أبي بكر وحكومته بل ويصحح أخطاءه التي اعترف هو بها (1) ويقول كقول عمر: والله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق.
وهل لنا أن نسأل عمر عن سر اقتناعه بقتال المسلمين الذين شهد هو نفسه بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حرم قتالهم بمجرد قولهم لا إله إلا الله.
وعارض هو نفسه أبا بكر بهذا الحديث فكيف انقلب فجأة واقتنع بقتالهم وعرف أنه الحق بمجرد أن رأى أن قد شرح الله صدر أبي بكر فكيف تمت عملية شرح الصدر هذه وكيف رآها عمر دون سائر الناس؟ وإن كانت علمية الشرح هذه معنوية وليست حقيقية فكيف يشرح الله صدور قوم بمخالفتهم لأحكامه التي رسمها على لسان رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وكيف يقول الله لعباده على لسان نبيه من قال لا إله إلا الله حرام عليكم قتله، وحسابه علي. ثم يشرح صدر أبي بكر وعمر قتالهم؟ فهل نزل وحي عليهما بعد محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟ أم هو الاجتهاد الذي اقتضته المصالح السياسية والتي ضربت بأحكام الله عرض الجدار؟
أما دعوى المدافعين، بأن هؤلاء ارتدوا عن الإسلام فوجب قتلهم، فهذا غير صحيح ومن له أي اطلاع على كتب التاريخ يعلم علم اليقين أن