مانعي الزكاة لم يرتدوا عن الإسلام، كيف وقد صلوا مع خالد وجماعته عندما حلوا بفنائهم. ثم إن أبا بكر نفسه أبطل هذه الدعوى الكاذبة بدفعه دية مالك من بيت مال المسلمين واعتذر عن قتله. والمرتد لا يعتذر عن قتله ولا تدفع ديته من بيت المال.
ولم يقل أحد من السلف الصالح أن مانعي الزكاة ارتدوا عن الإسلام إلا في زمن متأخر عندما أصبحت هناك مذاهب وفرق فأهل السنة حاولوا جهدهم وبدون جدوى أن يبرروا أفعال أبي بكر فلم يجدوا بدا من نسبة الارتداد إليهم لأنهم عرفوا أن سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. كما جاء في صحاح أهل السنة (1) وحتى أن البخاري عندما أخرج حديث أبي بكر وقوله: والله لأقتلن من فرق بين الصلاة والزكاة جعل له بابا بعنوان: من أبى قبول الفرائض وما نسبوا إلى الردة وهو دليل على أن البخاري نفسه لا يعتقد بردتهم (كما لا يخفى).
وحاول البعض الآخر تأويل الحديث كما تأوله أبو بكر بأن الزكاة هي حق المال، وهو تأويل في غير محله. أولا لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حرم قتل من قال لا إله إلا الله فقط، وفي ذلك أحاديث كثيرة أثبتها الصحاح سنوافيك بها.
ثانيا: لو كانت الزكاة حق المال فغن الحديث يبيح في هذه الحالة أن يأخذ الحاكم الشرعي الزكاة بالقوة من مانعها بدون قتله وسفك دمه. ثالثا: لو كان هذا التأويل صحيحا لقاتل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثعلبة الذي امتنع عن أداء الزكاة له (القصة معروفة لا داعي لذكرها) (2) رابعا: إليك ما أثبته الصحاح في حرمة من قال لا إله إلا الله وسأقتصر على البخاري ومسلم وعلى بعض الأحاديث روما للاختصار.