رد دعوى فاطمة الزهراء، مما استوجب غضبها عليه وهجرانها له حتى ماتت عليها السلام ودفنها زوجها سرا في الليل بوصية منها دون أن يؤذن بها أبا بكر، كما نستفيد من خلال هذه الروايات بأن عليا لم يبايع أبا بكر طيلة ستة أشهر وهي حياة فاطمة الزهراء بعد أبيها، وأنه أضطر لبيعته اضطرارا لما رأى وجوه الناس قد تنكرت له فالتمس مصالحة أبي بكر.
والذي غيره البخاري ومسلم من الحقيقة هو ادعاء فاطمة عليها السلام بأن أباها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعطاها فدك نحلة في حياته فليس هي من الإرث، وعلى فرض أن الأنبياء لا يورثون كما روى أبو بكر ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كذبته فاطمة الزهراء عليها السلام. وعارضت روايته بنصوص القرآن الذي يقول وورث سليمان داود، فإن فدك لا يشملها هذا الحديث المزعوم لأنها نحلة وليست هي من الإرث في شئ.
ولذلك تجد كل المؤرخين والمفسرين والمحدثين يذكرون بأن فاطمة عليها السلام ادعت بأن فدك ملكا لها فكذبها أبو بكر وطلب منها شهودا على دعواها فجاءت بعلي بن أبي طالب وأم أيمن فلم يقبل أبو بكر شهادتهما واعتبرها غير كافية. وهذا ما اعترف به ابن حجر في الصواعق المحرقة حيث ذكر بأن فاطمة ادعت أنه صلى الله عليه وآله وسلم نحلها فدكا ولم تأت عليها بشهود إلا بعلي بن أبي طالب وأم أيمن فلم يكمل نصاب البينة (1).
كما قال الإمام الفخر الرازي في تفسيره. فلما مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ادعت فاطمة عليه السلام أنه كان ينحلها فدكا، فقال لها أبو بكر: أنت أعز الناس علي فقرا وأحبهم إلي غنى، لكني لا أعرف صحة قولك فلا يجوز أن أحكم لك، قال فشهدت لها أم أيمن ومولى لرسول الله