وهكذا دام الحصار طيلة حياة الخلفاء الثلاثة وهي خمسة وعشرون عاما ويا ليته كان حصارا في تلك المدة فحسب ولكنه تواصل بعد ذلك وعندما جاء معاوية للحكم صعد المنبر هو الآخر وقال: إياكم وأحاديث إلا حديثا كان في عهد عمر فإن عمر كان يخيف الناس في الله عز وجل. الحديث أخرجه مسلم في صحيحه. في كتاب الزكاة باب النهي عن المسألة من جزئه الثالث.
ونهج الخلفاء الأمويون على هذا المنوال فمنعوا أحاديث الرسول الصحيحة وتفننوا في وضع الأحاديث المزورة والمكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى ابتلي المسلمون في كل العصور بالمتناقضات وبالأساطير والمخاريق التي لا تمت للإسلام بشئ، وإليك ما نقله المدائني في كتابه الأحداث قال: كتب معاوية نسخة واحدة إلى عماله بعد عام الجماعة: أن برئت الذمة ممن روى شيئا من فضل أبي تراب وأهل بيته (يقصد علي بن أبي طالب) فقام الخطباء في كل كورة وعلى كل منبر يلعنون عليا ويبرؤون منه ويقعون فيه وفي أهل بيته.
ثم كتب معاوية إلى عماله في جميع الآفاق: أن لا يجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة، ثم كتب إليهم: أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه، وأهل ولايته والذين يروون فضائله ومناقبه فأدنوا مجالسهم، وقربوهم وأكرموهم، واكتبوا إلي بكل ما يروي كل رجل منهم واسمه واسم أبيه وعشيرته.
ففعلوا ذلك حتى أكثروا من فضائل عثمان ومناقبه، لما كان يبعثه إليهم معاوية من الصلات والكساء والحباء والقطائع، ويفيضه في العرب منهم والموالي، فكثر ذلك في كل مصر وتنافسوا في المنازل والدنيا فلا يأتي أحد مردود من الناس عاملا من عمال معاوية، فيروي في عثمان فضيلة أو منقبة إلا كتب اسمه وقربه وشفعه، فلبثوا بذلك حينا. ثم كتب