ويتركون رسول الله قائما بين يدي الله يؤدي فريضته في خشوع ورهبة.
فهل هؤلاء مسلمون كمل إيمانهم؟ أم هل هم منافقون يهزؤون من الصلاة وإذا قاموا إليها قاموا كسالى؟ ولا يستثنى منهم إلا الذين ثبتوا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم لإتمام صلاة الجمعة وعددهم اثني عشر رجلا.
ومن تتبع أحوالهم واستقصى أخبارهم، فسوف يندهش لأفعالهم ولا شك أن هروبهم من صلاة الجمعة تكرر لمرات متعددة ولذلك سجله كتاب الله سبحانه بقوله: قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة.
وحتى تعرف أيها القارئ العزيز، مدى احترامهم لهذه الصلاة التي يحترمها مسلمو العصر الحاضر أكثر منهم إليك هذه الرواية.
أخرج البخاري في صحيحه من جزئه الثالث في باب ما جاء في الغرس من كتاب الوكالة.
عن سهل بن سعيد رضي الله عنه أنه قال: إنا كنا نفرح بيوم الجمع كانت لنا عجوز تأخذ من أصول سلق لنا كنا نغرسه في أربعائنا فتجعله في قدر لها فتجعل فيه حبات من شعير لا أعلم إلا أنه قال ليس فيه شحم ولا ودك، فإذا صلينا الجمعة زرناها فقربته إلينا، فكنا نفرح بيوم الجمعة من أجل ذلك، وما كنا نتغذى ولا نقيل إلا بعد الجمعة. (صحيح البخاري: 3 / 73).
* فهنيئا مريئا لهؤلاء الصحابة الذين لا يفرحون بيوم الجمعة للقاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والاستماع لخطبه ومواعظه والصلاة بإمامته ولا بلقاء بعضهم البعض وما في ذلك اليوم من بركات ورحمات ولكنهم يفرحون بيوم الجمعة من أجل طعام مخصوص أعدته لهم عجوز، ولو قال أحد المسلمين اليوم بأنه يفرح بيوم الجمعة من أجل الطعام لاعتبر من المسوفين المهملين.