ترضون أن يذهب الناس بالأموال وترجعون إلى رحالكم برسول الله، فوالله ما تنقلبون به خير مما ينقلبون به قالوا: بلى يا رسول الله قد رضينا. فقال لهم: إنكم سترون بعدي أثرة شديدة فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله على الحوض قال أنس: فلم نصبر (صحيح البخاري: 4 / 60).
* ونتساءل: هل كان في الأنصار كلهم رجل واحد رشيد اقتنع بما فعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واعتقد بأنه لا يميل مع الهوى والعاطفة، وفهم قول الله سبحانه في هذا الصدد: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما [النساء: 65].
فهل كان فيهم من دافع عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما قالوا: يغفر الله لرسول الله؟
كلا لم يكن فيهم واحدا بمستوى الإيمان الذي اقتضته الآية الكريمة، وقولهم بعد ذلك: بلى يا رسول الله قد رضينا، لم يكن عن قناعة، ولذلك جاءت شهادة أنس بن مالك وهو منهم في محلها عندما قال: أوصانا بالصبر فلم نصبر.
وأخرج البخاري في صحيحه من جزئه الخامس في باب غزوة الحديبية من كتاب المغازي.
عن أحمد بن إشكاب حدثنا محمد بن فضيل عن العلاء بن المسيب عن أبيه قال:
لقيت البراء بن عازب رضي الله عنهما، فقلت: طوبى لك صحبت النبي صلى الله عليه وسلم وبايعته تحت الشجرة!
فقال: يا بن أخي إنك لا تدري ما أحدثنا بعده. (صحيح البخاري: 5 / 66).
* لقد صدق البراء بن عازب: فإن أغلب الناس لا يدرون ما أحدث الصحابة بعد وفاة نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم - من ظلم وصيه وابن عمه