وإذا أردنا مزيدا من البحث والتنقيب فإننا سنجد الشاكرين الذين مدحهم القرآن الكريم، أقلية لا يتجاوز عددهم الإثنى عشر رجلا، وهؤلاء هم المخلصون الذين لم ينفضوا إلى اللهو والتجارة ويتركوا الصلاة، وهم أنفسهم الذين ثبتوا في الجهاد مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في العديد من المواطن التي فر منها بقية الصحابة وولوا مدبرين.
فقد أخرج البخاري في صحيحه من جزئه الرابع في باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب من كتاب الجهاد والسير.
عن البراء عازب قال: جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الرجالة يوم أحد وكانوا خمسين رجلا، عبد الله بن جبير فقال: إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى أرسل إليكم، فهزموهم، قال: فأنا والله رأيت النساء يشتددن قد بدت خلاخلهن وأسواقهن رافعات ثيابهن، فقال أصحاب عبد الله بن جبير: الغنيمة أي قوم الغنيمة، ظهر أصحابكم فما تنتظرون؟ فقال عبد الله بن جبير: أنسيتم ما قال لكم رسول الله صلى الله عليه وآله سلم؟ قالوا: والله لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة، فلما أتوهم صرفت وجوههم فأقبلوا منهزمين، فذاك إذ يدعوهم الرسول في أخراهم فلم يبق مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم غير اثني عشر رجلا فأصابوا منا سبعين (صحيح البخاري: 4 / 26).
* وإذا عرفنا مما ذكره المؤرخون لهذه الغزوة بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج بألف صحابي كلهم يتشوقون للجهاد في سبيل الله مغترين بالنصر الذي حصل في غزوة بدر، ولكنهم عصوا أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتسببوا في هزيمة نكراء شنيعة قتل فيها سبعون وعلى رأسهم حمزة عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفر الباقون ولم يبق مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ساحة المعركة غير اثني عشر رجلا على ما يقوله البخاري، أما غيره من المؤرخين فينزل بهذا العدد إلى أربعة فقط وهم علي بن أبي طالب الذي تصدى للمشركين يحمي بذلك