من يريد الآخرة، ثم صرفكم عنهم ليبتليكم، ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين إذا تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم والله خبير بما تعملون [آل عمران: 153].
فهذه الآيات نزلت بعد معركة أحد، والتي انهزم فيها المسلمون بسبب رغبتهم في متاع الدنيا عندما رأوا النساء رافعات ثيابهن قد بدت أسواقهن وخلاخلهن على ما حكاه البخاري، فعصوا الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم كما حكاه القرآن، فهل اعتبر الصحابة بتلك الحادثة وتابوا إلى الله واستغفروه ولم يعودوا لمثلها بعد ذلك؟
كلا فإنهم لم يتوبوا وعادوا إلى أكبر منها في غزوة حنين والتي وقعت في آخر حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وكان عددهم في تلك المعركة اثني عشر ألفا على ما ذكره المؤرخون، ورغم كثرتهم فقد لاذوا بالفرار وولوا مدبرين كالعادة تاركين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسط أعداء الله من المشركين ومعه تسعة أو عشرة أنفار من بني هاشم على رأسهم الإمام علي بن أبي طالب كما نص عليه اليعقوبي في تاريخه وغيره (1).
وإذا كان فرارهم يوم أحد شنيع فهو في حنين أشنع وأقبح لأن الصابرين الذين ثبتوا معه يوم أحد كانوا أربعة من ألف صحابي وهي نسبة واحد من كل مائتين وخمسين.
أما في يوم حنين فكان الصابرون الثابتون عشرة، من اثني عشر ألف صحابي وهي نسبة واحد من كل ألف ومائتين.
وإذا كانت معركة أحد في بداية الهجرة والناس لم يزالوا أقلية وحديثي