الجماعة، و 61 تتناول أعمال طيموتاوس وطيطس وفضائلهما، و 90 تتناول التنظيم العام في الكنيسة.
ولقد تغير الكاتب أيضا منذ زمن كتابته الرسائل الكبرى، فمن الطبيعي أن ينجو من الجمود فكر قوي مثل فكر بولس، وأن يطبع هذا التطور بطابعه تطور الألفاظ. ولا يقتصر هذا الأمر على الرسائل الرعائية، بل يظهر وجوده طوال وقت تكوين مجموعة مؤلفات بولس. وليس من السهل إثبات أن الرسائل الأولى إلى أهل تسالونيقي والرسالة إلى أهل قولسي هي من قلم الذي كتب الرسالة الأولى إلى أهل قورنتس.
ثم إن بولس قد شاخ، فأصبح إنشاؤه بطيئا، قليل الرونق، يكثر من الوعظ. ففي الرسالة الثانية إلى طيموتاوس ما لا يقل عن 30 فعلا في صيغة الأمر. تخلى بولس مما استعمله في الرسالة الثانية إلى أهل قورنتس من نداءات صاخبة ومما في الرسالة إلى أهل غلاطية من صيحات. إن الرغبة في الوضوح والترتيب تساعد على استعمال لغة الاصطلاحات وتميل إلى الكلمات النادرة. فمثل هذا التطور اللغوي أمر طبيعي عند كاتب يشيخ. ويظهر وجود هذا التكاثر في استعمال الألفاظ التي لم ترد إلا مرة واحدة، عند كتبة في طور الشيخوخة يبعدون الواحد عن الآخر في الزمان بعد أفلاطون من شكسبير.
ونبه آخر الأمر إلى ما كان من شأن لأمين السر في كتابة هذه الرسائل، فإن ازدحام السجناء والقذارة وقلة الضوء في السجون وصعوبة الكتابة بحسب الطريقة القديمة، (فقد وجب العمل بضعة أيام لكتابة الرسالة الثانية إلى طيموتاوس)، تدعو إلى الاعتقاد بأنه كان لأمين السر شأن كبير. فقد كتب الفقرات التي أملاها عليه بولس نفسه أمثال 2 طيم 4 / 6 - 18، ولربما أنشأ، فضلا عن ذلك، أجزاء طويلة، مستندا إلى تعليم الرسول وإلى ما دار بينهما من الحوار. وقد يكون أن هو الذي دمج أيضا في الرسائل الرعائية أجزاء من الأناشيد كالتي في 1 طيم 1 / 17 و 3 / 16 و 6 / 15 - 16 و 2 طيم 2 / 11 - 12، وقد أخذت في أصلها من طقوس العبادة. إن سائر الأمور العائدة إلى مسألة صحة الرسائل الرعائية يمكن عرضها بسرعة أكبر. لقد رأينا آنفا أن هناك وجوه اختلاف هامة بين ما ورد من التعليم في الرسائل الرعائية، وما علم بولس. أيتخذ منها برهان حاسم على عدم صحتها؟ هناك من رأى ذلك الرأي. ولكن يمكن القول أيضا أن هذه المؤلفات تعود إلى شيخوخة الرسول، إلى زمن كان يجب عليه أن يعرض مسائل أخرى غير التي في رسائله الأولى.
وهناك من أراد أن يجد برهانا على عدم صحة هذه الرسائل في المعركة التي شنتها الرسائل على " العرفان "، وهي بدعة تدل على تاريخ لكتابة الرسائل متأخر جدا. ولكن للبدع التي تلمح إليها الرسائل كثيرا من السمات المتهودة، ولا تظهر بوضوح ميزات العرفان في القرن الثاني. فقد يكون أن النزعات التي ورد ذكرها وجدت وبولس الرسول حي.
أما تنظيم الكنيسة، فقد بلغ من التطور ما لا ذكر له في سائر رسائل بولس.
فمن المعقول جدا أن تعكس التوجيهات في هذا الموضوع اهتماما كان يساور بولس قبل موته.
ففي هذه الأمور أيضا لا يمكن أن يؤتى ببرهان حاسم على عدم صحة الرسائل الرعائية.