كيف أبغضك وبك هداني الله، فقال صلى الله عليه و (آله) وسلم (تبغض العرب فتبغضني).
ولكن لا يلزم من الاعتراف بفضل العرب أن يجعلوا عمادا يتكتل حوله ويوالي عليه ويعادي عليه وإنما ذلك من حق الاسلام الذي أعزهم الله به، وأحيا ذكرهم ورفع شأنهم، فهذا لون وهذا لون، ثم هذا الفضل الذي امتازوا به على غيرهم، وما من الله به عليهم من فصاحة اللسان ونزول القرآن الكريم بلغتهم وإرسال الرسول العام بلسانهم ليس مما يقدمهم عند الله في الآخرة ولا يوجب لهم النجاة إذا لم يؤمنوا كما يقول فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز (1).
موقف الاسلام من الدعوة القومية:
إن مبادئ الاسلام ومبادئ الغرب متباينة كليا في باب القومية، فالذي يعتبره الغرب مصدر القوة هو مصدر الضعف والخذلان عند الأمة الاسلامية، كما يقول شاعر الاسلام محمد إقبال: (لا تقس أمم الغرب على أمتك، فإن أمة الرسول الهاشمي صلى الله عليه و (آله) وسلم فريدة في تركيبها أولئك إنما يعتقدون باجتماعهم على الوطن والنسل، ولكن إنما يستحكم اجتماعك أيها المسلم بقوة الدين).
لهذا كان من غير المعقول ولا من الممكن، كما يقول الأستاذ المودودي أن توجد في الأمة الاسلامية قوميات على أساس الألوان والأجناس واللغات والأوطان، كما لا يمكن أن توجد داخل دولة دول كثيرة مختلفة، ومن كان مسلما وأراد أن يبقى على إسلامه فلا بد له أن يبطل في نفسه الشعور بأي أساس غير أساس الاسلام، ويقطع العلاقات والروابط القائمة على أساس اللون والتراب وأخوف ما كان يخافه الرسول صلى الله عليه و (آله) على المسلمين أن تظهر فيهم العصبيات الجاهلية فتفرق كلمتهم فكان يقول لأصحابه دائما: (لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض).
ولا يمكن بقاء الرابطة الاسلامية مع نشوء الشعور بالقومية العنصرية، ومن المغالطة الزعم بن إحداهما تساير الأخرى ولا تضرها،