باب تمهيدي واقع أليم:
الواقع الأليم ينطق بتخلف الأمة الاسلامية.
ولم تكن كذلك:
لقد عاشت أكثر من ألف سنة في مقدمة الأمم بل لقد عاشت فترة طويلة هي الأمة الأولى في العالم كله يعمل لها ألف حساب، ويطلب ودها، ويسعى أمثال إمبراطور ألمانيا للتقرب من خليفتها فيرسل له الهدايا وحملت في خلال هذه الفترة الاسلام للدنيا كلها حملتها بالعلم والخلق قبل أن تحمل السيف في وجه أعداء الاسلام، ولم تكره على عقيدتها أحدا فإن القرآن علمها أن " لا إكراه في الدين " (1).، وإنما دخل الناس في دين الله أفواجا لما رأوا صفاء العقيدة وسموها، ولما شاهدوا جمال الخلق ورفعته فأحسوا أن هذا الدين ينشئ نشأ جديدا يخرجهم من (عبادة العباد إلى عبادة رب العباد. ومن جور الأديان إلى عدل الاسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة).
وما عرفه الغرب من تقدم كان نتيجة احتكاكه بالشرق الاسلامي.
إن نقطة البدء في ذلك التقدم كانت حركة الاصلاح الديني، حيث ثار الناس على ظلم الكنيسة واضطهادها، وثاروا على كثير من مفاهيمها المعقدة بعد ما رأوا صفاء العقيدة الاسلامية ويسرها، وسمو الاسلام وسمو خلقه ثم كانت بذور النهضة الأوروبية العلمية أخذا عن علماء المسلمين الذين تعلم الغربيون على أيديهم في جزر البحر الأبيض، وفي الأندلس، ومن قبل ذلك احتكوا بهم أبان الحروب الصليبية.
وإذ بدأ الغرب في نهضته. بدأ الشرق في كبوته.
وكان لذلك أسباب عديدة. بعضها من أنفسنا، وبعضها خارج عن إرادتنا.
أسباب من أنفسنا:
" وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير " (2) تلك