فيها عنصر خالص تقوم عليه القومية.
هذا كله بالبحث العلمي الهادئ.
فإذا أضفنا إلى ذلك ما لابس إثارة القوميات من أحداث تاريخية لبان ما قدمنا له من أن القومية أحد العناصر التي استخدمها أعداء الاسلام لإبعاد الأمة عن دينها.
إثارة القومية الطورانية في تركيا اقترنت بتمزيق تركيا وإبعادها عن الاسلام وإثارة القومية العربية في البلاد العربية اقترنت بتمزيق دولة الخلافة ومؤامرات لورانس ومكماهون قصدا إلى القضاء على الجسد الاسلامي الذي أسموه يومئذ بالرجل المريض!!
حتى الجامعة العربية كانت كما يعرف كل من عاصر أحداث العصر من صناعة وزير خارجية الإنجليز! لتكون بديلا عن الجامعة الاسلامية وفي كتابات حديثة لكتاب غربيين أشاروا إلى أن القومية العربية التي رفع رايتها في مصر زعيم كبير كانت بديلا هاما عن الشعار الاسلامي الذي كان يهدد بثورة في المنطقة فكان الانقلاب العسكري إمتصاصا لمشاعر الأمة المتوثبة للاسلام (1)!
نتائج الدعوة القومية:
وهكذا فإن تيار الفكرة القومية كانت مهمته أقصاء الاسلام وتفريغ القضية السياسية والاجتماعية بوجه عام من المحتوى الاسلامي، وإحلال فلسفة أخرى وعقيدة أخرى محل عقيدته، واستبدال رابطة أخرى برابطته لعزل الشعوب الاسلامية بعضها عن بعض عزلا نهائيا بحيث تكون صلة بعضها ببعض كصلتها بأي شعب من الشعوب الأخرى التي تدين بالوثنية أو الماركسية أو غيرها، والتي لم تكن تربطها بها أي رابطة، وبذلك تنقطع الصلات بين الشعوب الاسلامية، وتضعف روابط الثقافة المشتركة ولغة القرآن، والقيم الخلقية، ويقضى على الأخوة الاسلامية.
فما دام باب القومية قد فتح على المسلمين فقد كان طبيعيا أن تنتهي إلى ظهور القومية الكردية في العراق والبنغالية في باكستان، بعد أن أوصد الباب الذي يصل المسلمين بعضهم ببعض وهو الاسلام.