وهذا يعلل لنا عطف حكومات الاحتلال الغربية على كل مشاريع الحكومات الوطنية - في الشرق الاسلامي والعربي منه خاصة التي من شأنها تقوية الشعوبية فيها، وتعميق الخطوط التي تفرق بين هذه الأوطان الجديدة، مثل الاهتمام بتدريس التاريخ القديم السابق على الاسلام لتلاميذ الدارس وأخذهم بتقديسه، والاستعانة على ذلك بالأناشيد، ومثل خلق أعياد محلية غير الأعياد الدينية التي تلتقي فيها قلوب المسلمين بزي خاص - ولا سيما غطاء الرأس - مما يترتب عليه تمييز كل منها بطابع خاص، بعد أن كانت تشترك في كثير من مظاهره (1).
بين العروبة والاسلام وفضل العرب:
إذا كنا ننكر المبادئ العنصرية والقومية، فإنا نرحب باتحاد العرب وتعاونهم وتمتين أواصر القربى بينهم على أساس الاسلام فالعرب هم مادة الاسلام، بلسانهم نزل القرآن الكريم، ومنهم اصطفى الله عز وجل الرسول الذي بعثه إلى الناس كافة بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله. ولهذا فلا يمكن فصل العروبة عن الاسلام، أو فصل الاسلام عن العروبة، وليس عجبا أن يكون تفكير العربي الصادق في عروبته تفكيرا إسلاميا.
ومن هنا كان بغض جنس العرب ومعاداتهم كفرا أو سببا للكفر، وهذا معناه أن العرب أفضل الأمم وأن محبتهم سبب قوة الإيمان كما يقول أبو العباس ابن تيمية (رحمه الله) مستدلا بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه و (آله) وسلم: (حب " أبي بكر وعمر " من الإيمان وبغضهما من الكفر، وحب العرب من الإيمان وبغضهم من الكفر) (2).
كما جاء في حديث آخر (فمن أحب العرب فبحبي أحبهم، ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم).
وقوله صلى الله عليه وسلم لسلمان الفارسي رضي الله عنه:
(يا سلمان لا تبغضني فتفارق دينك). فقال سلمان يا رسول الله،