الذي لا يناسب ويعدونه من سوء الفهم وبساطة المغفلين القاصرين. ألا تسمع المثل الذي يضربه الناس لسوء الفهم وقلة الادراك وهو أن بعض المغفلين أراد أن يشهي ضيفه لأكل الرطب بمدح الرطب وبيان نضجه بشدة سواده فقال له:. كل هذه الرطبة فإنها مثل الخنفساء ألا ترى دبسها يكاد يسيل مثل المخاط.
يا ولدي فما بال إنجيل لوقا يريد أن يعرفنا رحمة الله ورأفته في استجابة الدعاء فيضرب له المثل مرة بقاض ظالم يقضي حاجة المرأة من أجل ضجره من لجاجتها. ومرة برجل متثاقل متضجر من حاجة صاحبه ولكنه يتكلف قضاءها من أجل ضجره من اللجاجة.
عمانوئيل: يا والدي إن أناجيلنا لم تقتصر في سوء التمثيل على هذا بل إن إنجيل متى في الفصل الحادي والعشرين وإنجيل مرقس في الفصل الثاني عشر وإنجيل لوقا في الفصل العشرين ذكرت من تعليم المسيح إشارته إلى حال الناس المتمردين ومعاملتهم مع المسيح ومن قبله من الرسل الذين أرسلهم الله لأجل تكميل العباد ودلالتهم على أسباب سعادتهم. فضرب المسيح لذلك مثلا حاصله: إن إنسانا غرس كرما وبنى حائطه وبرجه ومعصرته وسلمه إلى كرامين وغاب عنهم فأرسل بعض عبيده ليأخذوا من ثمر الكرم فضربوهم وقتلوا، ثم أرسل آخرين ففعلوا بهم مثل ذلك فقال صاحب الكرم ماذا أفعل أرسل ابني الحبيب لعلهم يهابون فقتلوا ذلك الابن.
يا سيدي الوالد إن الله لم يرسل رسله ليأخذوا من ثمار النعم التي أنعم الله بها على عباده بل أرسل رسله ليكلموهم ويسعد العباد أنفسهم بثمار تلك النعم ولا يناسب جلال الله أن يضرب له المثل بقول صاحب الكرم قول المتحير: (ماذا أفعل) ولا بقول صاحب الكرم المتوهم (أرسل ابني الحبيب لعلهم يهابون) فيخيب رجاءه وينكشف وهمه ويسقط تدبيره وتستمر حيرته.
لا يا والدي إن مثل الخنفساء والمخاط أقل قبحا من هذه الأمثال.