لهذا الحديث بكلام مليح فصيح طويل، قال: نحن وإن كنا لا نجهل - بحمد الله - فضل علي رضي الله عنه وقدمه وسوابقه في الإسلام واختصاصه برسول الله صلى الله عليه وسلم بالقرابة القريبة، ومؤاخاته إياه في الدين، ونتمسك من حبه بأقوى وأولى مما يدعيه الغالون فيه، فلسنا نرى أن نضرب عن تقرير أمثال هذه الأحاديث في نصابها صفحا، لما نخشى فيها من تحريف الغالين وتأويل الجاهلين وانتحال المبطلين. وهذا باب أمرنا بمحافظته، وحمى أمرنا بالذب عنه، فحقيق علينا أن ننصر فيه الحق ونقدم فيه الصدق. وهذا حديث يريش به المبتدع سهامه ويوصل به المنتحل جناحه فيتخذه ذريعة إلى الطعن في خلافة أبي بكر، التي هي أول حكم أجمع عليه المسلمون في هذه الأمة، وأقوم عماد أقيم به الدين بعد رسول الله فنقول - وبالله التوفيق:
هذا الحديث لا يقاوم ما أوجب تقديم أبي بكر والقول بخيريته، من الأخبار الصحاح. منضما إليه إجماع الصحابة، لمكان سنده، فإن فيه لأهل النقل مقالا، ولا يجوز حمل أمثاله على ما يخالف الإجماع، لا سيما والصحابي الذي يرويه ممن دخل في هذا الإجماع واستقام عليه مدة عمره ولم ينقل عنه خلافه، فلو ثبت عنه هذا الحديث فالسبيل أن يأول على وجه لا ينتقض عليه ما اعتقده ولا يخالف ما هو أصح متنا وإسنادا، وهو أن يحمل على أحد الوجوه المذكورة ".
وهذا كلام التوربشتي الذي أتينا عليه آنفا، غير أن للدهلوي فيه تصرفا ما في آخره، وليس لهذا الكلام في (الصواعق) عين ولا أثر أبدا، وليته نسبه إلى ابن حجر ولم ينص على أنه في (كتاب الصواعق)!!
ثم إن الدهلوي تصدى لتأويل الحديث الشريف حسبما يروق له ويسوقه إليه تعصبه فقال:
" قال العبد الضعيف - عصمه الله عما يصمه وصانه عما شانه -: إن من الظاهر أن الحديث غير محمول على الظاهر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم