من نفسه ما هو أعظم من هذه الخوارق، لم تكن هذه مما توجب أن يفضل بها عليا، ونحن لو ذكرنا ما باشرناه من هذا الجنس مما هو أعظم من ذلك لذكرنا شيئا كثيرا، ونحن نعلم أن من هو دون علي بكثير من الصحابة خير منا بكثير، فكيف يمكن مع هذا أن يجعل مثل هذا حجة على فضيلة علي على الواحد منا، فضلا عن أبي بكر وعمر؟
ولكن الرافضة لجهلهم وظلمهم وبعدهم عن طريق أولياء الله ليس لهم من كرامات الأولياء المتقين ما يعتد به، فهم لإفلاسهم منها إذا سمعوا شيئا من خوارق العادات عظموه تعظيم المفلس للقليل من النقد، والجائع للكسرة من الخبز. والرافضة لفرط جهلهم وبعدهم عن ولاية الله وتقواه ليس لهم نصيب كثير من كرامات الأولياء، فإذا سمعوا مثل هذا على علي ظنوا أن هذا لا يكون إلا لأفضل الخلق، وليس الأمر كذلك.
بل هذه الخوارق المذكورة وما هو أعظم منها يكون لخلق كثير من أمة محمد المعترفين بأن أبا بكر وعمر وعثمان وعليا خير منهم، الذين يتولون الجميع ويحبونهم ويقدمون من قدم الله ورسوله، لا سيما الذين يعرفون قدر الصديق ويقدمونه، فإنه أخص هذه الأمة بولاية الله وتقواه، واللبيب يعرف ذلك بطرق، إما أن يطالع الكتب المصنفة في أخبار الصالحين وكرامات الأولياء، مثل كتاب ابن أبي الدنيا، وكتاب الخلال، وكتاب اللالكائي، وغيرهم. ومثل ما يوجد من ذلك في أخبار الصالحين مثل: كتاب الحلية لأبي نعيم، وصفوة الصفوة، وغير ذلك. وإما أن يكون قد باشر من رأى منه ذلك. وإما أن يخبره بذلك من هو عنده صادق، فما زال الناس في كل عصر يقع لهم من ذلك شئ كثير، ويحكي ذلك بعضهم لبعض، وهذا كثير في كثير من المسلمين. وإما أن يكون نفسه وقع له بعض ذلك.
وهذه جيوش أبي بكر وعمر ورعيتهما، لهم من ذلك ما هو أعظم من ذلك، مثل: العلاء بن الحضرمي وعبوره على الماء كما تقدم ذكره، فإن هذا