" وفي هذه السنة (سنة 17) أدرب خالد بن الوليد وعياض بن غنم في رواية سيف عن شيوخه. ذكر ذلك: كتب إلي السري: عن شعيب عن سيف عن أبي عثمان وأبي حارثة والمهلب، قالوا: وأدرب سنة 17 خالد وعياض، فسار فأصابا أموالا عظيمة، وكانا توجها من الجابية، فرجع عمر إلى المدينة وعلى حمص أبو عبيدة، وخالد تحت يديه على قنسرين، وعلى دمشق يزيد بن أبي سفيان، وعلى الأردن معاوية، وعلى فلسطين علقمة بن مجزز، وعلى الاهراء عمرو بن عبسة، وعلى السواحل عبد الله بن قيس، وعلى كل عمل عامل، فقامت مسالح الشام ومصر والعراق على ذلك إلى اليوم لم تجز أمة إلى أخرى عملها، بعد إلا أن يفحموا عليهم بعد كفرهم منهم فيقدموا مسالحهم بعد ذلك، فاعتدل ذلك سنة 17.
كتب إلي السري: عن شعيب، عن سيف، عن أبي المجالد وأبي عثمان والربيع وأبي حارثة قالوا: ولما قفل خالد وبلغ الناس ما أصابت تلك الصائفة انتجعه رجال، فانتجع خالدا رجال من أهل الآفاق، فكان الأشعث بن قيس ممن انتجع خالدا بقنسرين فأجازه بعشرة آلاف، وكان عمر لا يخفى عليه شئ في عمله، وكتب معه إلى أبي عبيدة أن يقيم خالدا ويعلقه بعمامته وينزع عنه قلنسوته، حتى يعلمهم من أين إجازة الأشعث، أمن ماله؟ أمن إصابة أصابها.
فإن زعم أنها من إصابة أصابها فقد أقر بخيانة، وإن زعم أنها من ماله فقد أسرف. واعزله على كل حال واضمم إليك عمله.
فكتب أبو عبيدة إلى خالد، فقدم عليه، ثم جمع الناس وجلس لهم على المنبر، فقام البريد فقال: يا خالد أمن مالك أجزت بعشرة آلاف أم من إصابة؟
فلم يجبه، حتى أكثر عليه وأبو عبيدة ساكت لا يقول شيئا. فقام بلال إليه فقال:
إن أمير المؤمنين أمر فيك بكذا وكذا. ثم تناول قلنسوته فعقله بعمامته وقال: ما تقول أمن مالك أم من إصابة؟ قال: لا، بل من مالي، فأطلقه وأعاد قلنسوته ثم عممه بيده ثم قال: نسمع ونطيع لولاتنا ونفخم ونخدم موالينا.
قالوا: وأقام خالد متحيرا لا يدري أمعزول أم غير معزول؟ وجعل أبو