وقال القاضي التستري الشهيد نور الله مرقده في (إحقاق الحق):
" أقول: في الحديث إشارة إلى قوله تعالى: (وأتوا البيوت من أبوابها) وفي كثير من روايات ابن المغازلي تصريح بذلك، ففي بعضها مسندا إلى جابر رضي الله عنه: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب. وفي بعضها مسندا إلى علي عليه السلام: يا علي أنا مدينة العلم وأنت الباب كذب من زعم أنه يصل إلى المدينة إلا من الباب. وروى عن ابن عباس: أنا مدينة الجنة وعلي بابها فمن أراد الجنة فليأتها من بابها. وعن ابن عباس أيضا بطريق آخر: أنا دار الحكمة وعلي بابها فمن أراد الحكمة فليأت الباب.
وهذا يقتضي وجوب الرجوع إلى أمير المؤمنين عليه السلام، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كنى عن نفسه الشريفة بمدينة العلم وبدار الحكمة، ثم أخبر أن الوصول إلى علمه وحكمته وإلى جنة الله سبحانه من جهة علي خاصة، لأنه جعله كباب مدينة العلم والحكمة والجنة التي لا يدخل إليها إلا منه، وكذب عليه السلام من زعم أنه يصل إلى المدينة لا من الباب، وتشير إليه الآية أيضا كما ذكرناه.
وفيه دليل على عصمته وهو ظاهر، لأنه عليه السلام أمر بالاقتداء به في العلوم على الاطلاق، فيجب أن يكون مأمونا عن الخطأ، ويدل على أنه إمام الأمة لأنه الباب لتلك العلوم، ويؤيد ذلك ما علم من اختلاف الأمة ورجوع بعض إلى بعض وغناؤه عليه السلام عنها، ويدل أيضا على ولايته وإمامته عليه السلام، وأنه لا يصح أخذ العلم والحكمة ودخول الجنة في حياته صلى الله عليه وآله إلا من قبله، ورواية العلم والحكمة إلا عنه، لقوله تعالى: (وأتوا البيوت من أبوابها) حيث كان عليه السلام هو الباب، ولله در القائل:
" مدينة علم وابن عمك بابها * فمن غير ذاك الباب لم يؤت سورها ".
ويدل أيضا: على أنه من أخذ شيئا من هذه العلوم والحكم التي احتوى عليها رسول الله صلى الله عليه وآله من غير جهة علي عليه السلام كان