العجائب ".
فهو وإن بالغ في الرد على من أنكر صحة الحديث وخدش في ثبوته، إلا أنه حاول إنكار تواتره، فسلك طرقا ملتوية وأتى بكلمات متهافتة سعيا وراء ذلك، ولكن لا تخفى حقيقة الأمر على الناظر في كلامه، لأنه ينكر تواتر هذا الحديث في حين أنه يذعن بكثرة طرقه، وأنه رواه ستة عشر شخص من الصحابة وأن أكثر طرقه صحاح أو حسان. فأي كلام في ثبوت تواتر حديث هذا شأنه!؟ مع أنهم يعتقدون بحصول التواتر بالأقل من هذا العدد، ويرون تحققه لما رواه ثمانية من الصحابة كما في (الصواعق).
بل ذكر هذا الشيخ أن في رواية لأحمد أنه سمعه من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ثلاثون من الصحابة، وشهدوا به لأمير المؤمنين عليه السلام.
وهذا بناءا على ما ذكره هذا الرجل، وإلا فقد علمت أن رواته من الصحابة يزيدون على المائة...
وقد نص أبو محمد علي بن أحمد بن حزم على تواتر حديث رواه أربعة من الصحابة، حيث قال في (المحلى) في مسألة عدم جواز بيع الماء بعد أن نقل رواية المنع عن أربعة من الصحابة: " فهؤلاء أربعة من الصحابة - رضي الله عنهم -، فهو نقل تواتر لا تحل مخالفته "، فمن العجيب أن يكون ما رواه الأربعة متواترا ولا يكون ما رواه الستة عشر أو الثلاثون أو الأكثر بمتواتر، وهل هذا إلا تحكم قبيح وتعصب فضيح؟!
هذا بالإضافة إلى ما تقدم من تصريح الأئمة المحققين من أهل السنة ومنهم الذهبي الذي استند إليه ابن حجر، كما ذكره عبد الحق في هذه العبارة، بتواتر حديث الغدير...
ومن العجائب أيضا نفيه تواتر حديث الغدير تمسكا بوجود الاختلاف فيه، وهذا واضح البطلان جدا، لاعترافه هو في هذا الكلام ببطلان هذا الخلاف، وإذا كان الخلاف في الحديث مردودا كان التمسك بهذا الخلاف مردودا كذلك.