أبهمه البخاري، لأنني رأيت التصريح به في رواية أحمد عن سفيان، ولفظه:
قلت لأبي: إن أخاك يحكهما [يحكها] من المصحف. وكذا أخرجه الحميدي، عن سفيان، ومن طريقه أبو نعيم في المستخرج، وكان سفيان تارة يصرح بذلك وتارة يبهمه، وقد أخرجه أحمد أيضا وابن حبان من رواية حماد بن سلمة عن عاصم بلفظ: إن [عبد الله] ابن مسعود كان لا يثبت [يكتب] المعوذتين في مصحفه، وأخرج أحمد عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم، بلفظ: إن عبد الله يقول في المعوذتين، وهذا أيضا فيه إبهام.
وقد أخرجه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند والطبراني وابن مردويه من طريق الأعمش، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد [زيد] النخعي، قال: كان ابن مسعود يحك المعوذتين من مصاحفه ويقول: إنهما ليستا من كتاب الله، قال الأعمش: و [قد] حدثنا عاصم عن زر عن أبي بن كعب، فذكر نحو حديث قتيبة الذي في الباب الماضي، وقد أخرجه البزاز وفي آخره [و] يقول: إنما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نتعوذ بهما.
قال البزار: لم يتابع ابن مسعود على ذلك أحد من الصحابة، وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأها في الصلاة. قلت: هو في صحيح مسلم عن عقبة بن عامر، وزاد فيه ابن حبان من وجه آخر عن عقبة بن عامر، فإن استطعت أن لا تفوتك قرائتهما [في صلاة] فافعل.
وأخرج أحمد من طريق أبي العلاء بن الشخير، عن رجل من الصحابة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقرأه المعوذتين وقال له: إذا أنت صليت فاقرأ بهما.
وإسناده صحيح. ولسعيد بن منصور من حديث معاذ بن جبل: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الصبح فقرأ فيها بالمعوذتين.
وقد تأول القاضي أبو بكر الباقلاني في كتاب الانتصار، وتبعه عياض وغيره، ما حكى عن ابن مسعود فقال: لم ينكر ابن مسعود كونهما من القرآن، وإنما أنكر إثباتهما في المصحف، فإنه كان يرى أن لا يكتب في المصحف شيئا إلا أن