الجاحظ الأخذ بأقواله والمقتفي لآثاره، والناقل عنه وجوه المناقشة في فضائل مولانا أمير المؤمنين - عليه السلام -.
وإذا كان الجاحظ معتمدا عليه كما يدل عليه صنيع الرازي... فقد ثبت أن الجاحظ قد انتقد أبا بكر وعمر على منعها ميراث فاطمة الزهراء من أبيها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وظلمهما لها وتعديهما عليها... في كلام طويل له في الموضوع، ذكره الشريف المرتضى - رحمه الله - حيث قال:
" فإن قيل: إذا كان أبو بكر قد حكم بخطأ في دفع فاطمة - عليها السلام - عن الميراث واحتج بخبر لا حجة فيه، فما بال الأمة أقرته على هذا الحكم ولم تنكر عليه؟ وفي رضائها وإمساكها دليل على صوابه.
قلنا: قد مضى أن ترك النكير لا يكون دليل الرضا، إلا في المواضع التي لا يكون له وجه سوى الرضا، وبينا في الكلام على إمامة أبي بكر هذا الموضع بيانا شافيا.
وقد أجاب أبو عثمان الجاحظ في كتاب العباسية عن هذا السؤال، جوابا جيد المعنى واللفظ، نحن نذكره على وجهه ليقابل بينه وبين كلامه في العثمانية وغيرها.
قال: وقد زعم أناس أن الدليل على صدق خبرهما - يعني أبا بكر وعمر - في منع الميراث وبراءة ساحتهما: ترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله النكير عليهما.
ثم قال: فيقال لهم: لئن كان ترك النكير دليلا على صدقهما، ليكونن ترك النكير على المتظلمين منهما والمحتجين عليهما والمطالبين لهما دليلا على صدق دعوتهم واستحسان مقالتهم، لا سيما وقد طالت به المناجاة وكثرت المراجعة والملاحاة، وظهرت الشكية واشتدت المواجدة، وقد بلغ ذلك من فاطمة حتى أنها أوصت أن لا يصلي عليها أبو بكر، ولقد كانت قالت له حين أتته طالبة حقها ومحتجة برهطها: