بدعة.
وأما البخاري فكان من كبار الأئمة الأذكياء، فقال: ما قلت ألفاظنا بالقرآن مخلوقة وإنما حركاتهم وأصواتهم وأفعالهم مخلوقة، والقرآن المسموع المتلو المكتوب في المصاحف كلام الله تعالى غير مخلوق، وصنف في ذلك أفعال العباد مجلد، فأنكر عليه طائفة ما فهموا مرامه، كالذهلي وأبي زرعة وأبي حاتم وأبي بكر ابن الأعين وغيرهم.
ثم ظهر بعد ذلك مقالة الكلامية والأشعرية، وقالوا: القرآن معنى قائم بالنفس، وإنما هذا المنزل حكايته وعبارته ودال عليه. وقالوا: هذا المتلو معدود متعاقب، وكلام الله تعالى لا يجوز عليه التعاقب والتعدد، بل هو شئ واحد قائم بالذات المقدسة.
واتسع المقال في ذلك ولزم منه أمور وألوان، تركها - والله - من حسن الإيمان، وبالله تعالى نتأيد " (1).
أقول: وإذا ثبت أن الإمام أحمد قال: " اللفظية جهمية " وأنه أنكر على الكرابيسي ومن تبعه مقالتهم، وبالغ في الحط عليهم، وثبت أيضا " أن البخاري كان من اللفظية " - كما علم من سير أعلام النبلاء في ما سبق - فإنا نستنتج من ذلك شمول طعن الإمام أحمد وإنكاره للبخاري أيضا، فهو من " الجهمية " والجهمية " كفرة " كما سبق.
بل في (ميزان الاعتدال) و (سير أعلام النبلاء)، بترجمة الحسين الكرابيسي:
" إن الإمام أحمد أنكر عقيدته وعده متجهما ومقت الناس الكرابيسي وتركوه " (2).
ومقتضي الاتحاد بين الكرابيسي والبخاري في العقيدة في هذه المسألة، كون البخاري كذلك عند أحمد. بل جاء بترجمة أحمد بن حنبل من (سير أعلام النبلاء) ما نصه: