مخلوق، وينهى عن الخوض في مسألة اللفظ.
ولا ريب أن تلفظنا بالقرآن من كسبنا، والقرآن الملفوظ المتلو كلام الله تعالى غير مخلوق، والتلاوة واللفظ والكتابة والصوت من أفعالنا، وهي مخلوقة، والله سبحانه وتعالى أعلم " (1).
هذا، وقد قال الذهبي بترجمة محمد بن يحيى الذهلي:
" كان الذهلي شديد التمسك بالسنة، قام على محمد بن إسماعيل لكونه أشار في مسألة خلق أفعال العباد إلى أن تلفظ القارئ بالقرآن مخلوق، فلوح وما صرح والحق أوضح، ولكن أبى البحث في ذلك أحمد بن حنبل وأبو زرعة والذهلي، والتوسع في عبارات المتكلمين سد للذريعة، فأحسنوا أحسن الله تعالى جزاهم.
وسافر ابن إسماعيل مختفيا من نيسابور، وتألم من فعل محمد بن يحيى. وما زال كلام الكبار المتعاصرين بعضهم في بعض لا يلوى عليه بمفرده، وقد سبقت ذلك في ترجمة ابن إسماعيل، رحم الله تعالى الجميع وغفر لهم ولنا آمين " (2).
أقول: وإذا كانت شدة تمسك الذهلي بالسنة هي السبب في قيامه علي البخاري، فإن قول الذهبي: " وما زال... " غريب جدا، أفهل يقال: إن قيامه على البخاري كان حسدا منه له؟ أو عنادا؟ أم ماذا؟
وعلى كل حال نقول: إذا لم يكن تكلم الذهلي وغيره من كبار الأئمة وقيامهم على البخاري وتركهم له قادحا في وثاقته، فإن إعراض البخاري ومسلم عن حديث الغدير وتركهم روايته غير قادح في صحته وثبوته بالأولوية.
وأيضا: لا يكون قدح أبي داود وأبي حاتم قابلا للاعتماد بعد سقوط كلام شيخهما الذهلي عن درجة الاعتبار، كما لا يبقى بعد ذلك أي وزن واعتبار لقدح الجاحظ...
فسقط تمسك الفخر الرازي بذلك كله... والحمد لله.