الواضح في كلماته...
وبهذا يندفع ما ذكره بترجمة أحمد بن صالح بعد كلامه المتقدم نقله: " قلت:
إن قال: لفظي، وعنى به القرآن، فنعم، وإن قال: لفظي وقصد به تلفظي وصوتي وفعلي أنه مخلوق، فهذا مصيب ".
وأما قول الذهبي بترجمة علي بن حجر في الدفاع عن البخاري: " وأما البخاري فكان من كبار الأئمة الأذكياء... " فغريب جدا، لأن معناه: أن البخاري لم يقل بأن ألفاظنا مخلوقة بالقرآن، بل قال: إن حركاتنا وأصواتنا وأفعالنا مخلوقة، والقرآن المسموع المتلو الملفوظ هو كلام الله تعالى وهو غير مخلوق، فالبخاري إذا لا يقول بخلق القرآن.
والحال أنه يناقضه ما ذكره عن البخاري سابقا، ومع غض النظر عن ذلك فإن هذا التفريق لا يتفوه به عاقل ذو فهم أبدا، وهذا من أوضح البراهين على جمود عقول هؤلاء، فإنهم تارة يفرقون بين اللفظ والملفوظ ويحكمون بكونه مخلوقا، وأخرى يفرقون بين الألفاظ وبين الأصوات والحركات...
ولما كان هذا التفريق باطلا فإن الذهبي لما تنبه إلى فساده، أيد الكرابيسي في قوله بخلق القرآن، من غير التفات إلى تأويل البخاري، فقال: " لا ريب أن ما ابتدعه الكرابيسي وحرره في مسألة اللفظ وأنه مخلوق هو حق... ".
فالعجب من الذهبي، لماذا يضطرب هذا الاضطراب؟ ويتلون هذا التلون؟ وكيف يزعم أن الذهلي وأبا زرعة وأبا حاتم وابن الأعين وغيرهم لم يفهموا مغزى كلام البخاري؟
بل كلام الذهبي بترجمة هشام بن عمار صريح في اتحاد حكم اللفظ والأصوات، وفي أنهما مخلوقان، وهذا نص كلامه:
" قلت: كان الإمام أحمد يسد الكلام في هذا الباب ولا يجوزه، ولذلك كان يبدع من يقول: لفظي بالقرآن غير مخلوق، ويضلل من يقول: لفظي بالقرآن قديم، ويكفر من يقول: القرآن مخلوق. بل يقول: القرآن كلام الله منزل غير