خيركم في نفسي، فكلكم ورم أنفه من ذلك يريد أن يكون الأمر له دونه ورأيتم الدنيا قد أقبلت ولما تقبل وهي مقبلة، حتى تتخذوا ستور الحرير ونضائد الديباج وتألموا الاضطجاع على الصوف الآذري كما يألم أحدكم أن ينام على حسك، والله لأن يقدم أحدكم فتضرب عنقه في غير حد خير له من أن يخوض في غمرة الدنيا، وأنتم أول ضال بالناس غدا فتصدونهم عن الطريق يمينا وشمالا! يا هادي الطريق إنما هو الفجر أو البحر. فقلت، له خفض عليك رحمك الله فإن هذا يهيضك في أمرك، إنما الناس في أمرك بين رجلين: إما رجل رأى ما رأيت فهو معك، وإما رجل خالفك فهو مشير عليك وصاحبك كما تحب، ولا نعلمك أردت إلا خيرا ولم تزل صالحا مصلحا وانك لا تأسى على شئ من الدنيا.
قال أبو بكر رضي الله عنه: أجل! إني لا آسي على شئ من الدنيا إلا على ثلث فعلتهن وددت أني تركتهن، وثلث تركتهن وددت أني فعلتهن، وثلث وددت أني سألت عنهن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأما الثلث اللاتي وددت أني تركتهن فوددت أني لم اكشف بيت فاطمة عن شئ وإن كانوا قد علقوا على الحرب، وددت أني لم أكن حرقت الفجاءة السلمي وأني كنت قتلته سريحا، أو خليته نجيحا، ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين - يريد عمر وأبا عبيدة - فكان أحدهما أمير وكنت وزيرا.
وأما اللاتي تركتهن فوددت أني يوم أتيت بالأشعث بن قيس أسيرا كنت ضربت عنقه فإنه يخيل إلي أنه لا يرى شرا إلا أعان عليه! ووددت أني سيرت خالد بن الوليد إلى أهل الردة كنت أقمت بذي القصة، فإن ظفر المسلمون ظفروا وإن هزموا كنت بصدد لقاء أو مدد، ووددت أني كنت إذ وجهت خالد ابن الوليد إلى الشام كنت وجهت عمر بن الخطاب إلى العراق فكنت قد بسطت يدي كلتيهما في سبيل الله ومد يديه! ووددت أني كنت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن هذا الأمر فلا ينازعه أحد! ووددت أني