وإما رجل خالفك فهو يشير عليك برأيه، وصاحبك كما تحب، ولا نعلمك أردت إلا الخير ولم تزل صالحا مصلحا، مع أنك لا تأسى على شئ من الدنيا.
فقال أجل! إني لا آسى على شئ من الدنيا إلا على ثلاث فعلتهن ووددت أني تركتهن، وثلاث تركتهن ووددت أني فعلتهن، وثلاث وددت أني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهن. فأما الثلاث التي فعلتهن ووددت أني تركتهن: فوددت أني لم أكشف بين فاطمة عن شئ وإن كانوا أغلقوه على الحرب! ووددت أني لم أكن حرقت النحام (الفجاءة. ظ) السلمي وأني قتلته شديخا أو خليته نجيحا! ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة قدمت (قلدت. ظ) الأمر في عنق أحد الرجلين، فكان أحدهما أميرا وكنت له وزيرا. يعني بالرجلين عمر بن الخطاب وأبا عبيدة بن الجراح.
وأما الثلاث التي تركتهن ووددت أني فعلتهن. فوددت أني يوم أتيت الأشعث بن قيس أسيرا ضربت عنقه فإنه يخيل إلي أنه لا يرى شرا إلا أعان عليه! ووددت أني يوم سيرت خالد بن الوليد إلى أهل الردة أقمت بذي القصة فإن ظفر المسلمون ظفروا وإن انهزموا كنت بصدد لقاء أو مدد!
ووددت أني وجهت خالد بن الوليد إلى الشام ووجهت عمر بن الخطاب إلى العراق فأكون قد بسطت يدي كلتيهما في سبيل الله.
وأما الثلاث التي وددت أني أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهن فإني وددت أني سألته لمن هذا الأمر من بعده؟ فلا ينازعه أحد! وأني سألته هل للأنصار في هذا الأمر نصيب؟ فلا يظلموا نصيبهم منه! ووددت أني سألته عن بنت الأخ والعمة فإن في نفسي منهما شيئا " (1).
وقال أبو بكر الباقلاني: " وفي حديث عبد الرحمن بن عوف رحمة الله عليه، قال: دخلت على أبي بكر الصديق رضي الله عنه في علته التي مات فيها، فقلت:
أراك بارئا يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم! فقال: أما إني على ذلك