من هذه الصناعة (علم الحديث) والإقلال، فأبو حنيفة رضي الله عنه يقال بلغت روايته إلى 17 حديثا أو نحوها، ومالك رحمه الله إنما صح عنده ما في كتاب الموطأ وغايتها 300 حديث أو نحوها، وأحمد بن حنبل رحمه الله في مسنده 50 ألف حديث... وإنما قلل من قلل الرواية لأجل المطاعن التي تعترض فيها والعلل التي تعرض في طرقها لا سيما والجرح مقدم عند الأكثر... (1) أقول: إذا عرفت هذا تعلم جيدا أن أحاديث الكتابين على أقسام:
1 - منها ما هو مقطوع بكذبه، كالمخالف للقرآن والتأريخ القطعي وللعقل وأحد طرفي المتعارضات وغير ذلك.
2 - ومنها ما هو مظنون الصحة.
3 - ومنها ما هو مظنون الكذب.
4 - ومنها ما هو مشكوك.
وكل عاقل وقف على ما ذكرنا في مقدمات الكتاب وفي هذا الأمر العاشر لا يتردد في هذا التقسيم الرباعي، وأما تعيين مصداق هذه الأقسام فموكول إلى تتبع المتتبع وتحقيق المحقق، نعم جملة من الأحاديث - لا بعينها - مقطوعة الصدور إذ لا يحتمل كذب جميع ما في الكتابين، بل هذا العلم حاصل في كل كتاب من كتب الحديث لكن لا أثر لهذا العلم الإجمالي، بل هو حاصل في أكثر الكتب المؤلفة للكفار والمسلمين، إذ لا يحتمل كذب جميع ما في الكتاب - في أي موضوع كان بحثه - وقد يسمى هذا بالتواتر الإجمالي في جانب التواتر اللفظي والتواتر المعنوي.
إذا تقرر ذلك فلنرجع إلى أصل المقصد وهو النظر إلى بعض أحاديث مسلم، ونذكر بعد الحديث رقم الصفحة والجزء دون رقم الحديث. والله الموفق.