على أن هذا النوع من الإغراق في العاطفة تجاه نفر معين، مع وجود غيرهم من أهل بيته (عليهم السلام) لو كان له ما يبرره في الواقع النفسي، فليس هناك ما يبرر التعبير عنه - بهذه الأساليب - لمجافاته، لما عرف به النبي (صلى الله عليه وآله) من الخلق العظيم، وهل من الخلق أن يجحف في إبراز عاطفته تجاه نفر معين، ليس فيهم ما يميزهم عن سائر أقربائه، وفيهم من هو أكبر منهم، كالعباس مثلا، أليس في هذا النوع من إبراز العاطفة تحد لهم لا مبرر له، وهو لا يصدر من أقل الناس عادة.
الثالثة: أن نسلم دلالتها التشريعية ونعود بها إلى أسبابها المنطقية، وأهمها ما توقروا عليه من العلم والعصمة، وهذه المحاولات التأكيدية كان مبعثها تركيز هذا المعنى في النفوس وترويضها لتقبله...
فإذا امتنع الفرض الأول لصراحة النصوص، وامتنع الثاني لأدلة العصمة في النبي (صلى الله عليه وآله) تعين الأخذ بالفرض الثالث والتعبد به.
قال أحدهم: وهل كانت هذه الصفات - أعني العلم والعصمة - واضحة لدى معاصريهم، أي أن واقعهم التأريخي هل ينسجم مع ما يفهم من هذه النصوص.
قلت: هذا أهم سؤال يمكن أن يوجه - يا أخي - لأنه يفتح أمامنا مجال التطوير في الإجابة على أمثال هذا النوع من الاستدلال.
فقد كان نوع الباحثين في الشؤون العقائدية، عندما يريدون أن يتحدثوا أو يستدلوا على أية مسألة من مسائل الفكر التي ترتبط بشؤون العقيدة فإنما يتحدثون عما يجب أن يكون ولا يفكرون فيما هو كائن، وإذا فكروا فيه فإنما يفكرون في إخضاع ما هو كائن لما يجب أن يكون.
ولست أعرف فيهم من حاول تقييم أدلته على أساس من عرضها على