يجمعوها بدورهم ولم ينسقوها، كأن يضعوا إلى جنب العمومات قرائن التخصيص مثلا وهكذا.
قال: وكيف نلائم إذن، بين اعتقادنا بلزوم الرجوع إليها، وبين الواقع الذي تذكره؟
قلت: الصور المتصورة في المسألة أربعة، نعرضها ونختار أكثرها ملاءمة للواقع العقلي والتأريخي.
الأولى: أن نسقط السنة عن الحجية ونكتفي بالكتاب، وفي هذا محق للإسلام من أساسه، وأظن أن إخواني العلماء يؤمنون معي أن الكتاب وحده لا ينهض ببيان حكم واحد بجميع ما له من خصوصيات، فضلا على استيعاب جميع الأحكام، بكل ما لها من أجزاء وشرائط.
الثانية: أن نحمل النبي (صلى الله عليه وآله) - وحاشاه - مسؤولية التفريط برسالته بتعريضها للضياع عندما لم يدونها، أو يأمر الصحابة بالتدوين والتنسيق.
الثالثة: أن نحاشي النبي (صلى الله عليه وآله) عن تعمد التفريط ونرميه بعدم العلم، وحاشاه بما ينتج عن إهماله التدوين من مفارقات، أيسرها ضياع كثير من الأحكام الشرعية، نتيجة موت قسم من الصحابة حملة السنة، أو نسيانهم أو غفلتهم - وهم غير معصومين بالاتفاق - وهكذا، هذا بالإضافة إلى ما يسببه الفحص عن الأحكام من قبل المحتاجين إليها من المكلفين، من عسر وحرج بسبب تشتت الصحابة وتشتت رواتهم بعد ذلك، إن لم يكن متعذرا أحيانا.
الرابعة: أن نفترض له جمعها وتنسيقها وإيداعها عند شخص مسؤول عنها، عالم بجميع خصائصها ليسلمها إلى من يحتاج إليها من المسلمين، ثم يورثها من بعده لمن يقوى على القيام بها من بعده، كما ورثها هو، حتى تستوعب من قبل