فهل هو متفق في حالة سهوه أو عصيانه مع الكتاب، أو مفترق عنه.
قال: بل هو مفترق، لأن الالتقاء لا يكون إلا مع التوافق والانسجام بين الحكم المتبني في الكتاب، والسلوك الذي صدر عنه، ومع المخالفة - مهما كان شأنها - لانسجام بينها ولا وفاق.
قلت: وأضيف إلى ما تفضلتم به أن السهو والغفلة وإن أوجبا لأصحابهما المعذرية شرعا، إلا أنهما لا يمنعاه من صدق الافتراق، لأن الافتراق المعنوي كالافتراق الحسي، مداره ابتعاد أحدهما عن الآخر، فالشخص الذي يقسر على ترك صديقه والابتعاد عنه يصدق عليه الافتراق عنه، وإن كان معذورا في مفارقته، وهكذا من يخالف الكتاب.
وإذا صح هذا، عدنا إلى تذكر ما سبق أن اتفقنا عليه، من مفهوم العصمة التي أوجبناها للنبي (صلى الله عليه وآله) بحكم العقل، وهي استحالة صدور الكذب أو الخطأ أو السهو عليه، في مقام التبليغ، لنسأل على ضوئه هل يجوز وقوع افتراق العترة عن الكتاب لأي سبب كان، وقد أخبر النبي (صلى الله عليه وآله) عن عدم وقوعه بمفاد لن التأبيدية " لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ".
قال: أحدهم وما في ذلك من محذور؟
قلت: أليس في تجويز وقوع الافتراق عليهما تجويز للكذب أو السهو على الرسول (صلى الله عليه وآله) الذي أخبر عن عدم الافتراق - وهو في معرض التبليغ لإلزامه (صلى الله عليه وآله) بالتمسك بهما، وهو ما سبق أن اتفقنا على منافاته لعصمة النبي (صلى الله عليه وآله)، فأهل البيت (عليهم السلام) إذن بمقتضى هذا الحديث معصومون، وبخاصة فقرته الأخيرة.